logo yajnoub    

التشاؤم سيّد المشهد.. و"المخاطر" تتفاقم.. والحكومة معلقة على حبل العبث

2021/04/22 - 09:19:07am   

صحيفة الجمورية


بعدما انقطعت كلّ السبل الداخلية والخارجية امام المبادرات والمحاولات الرامية الى بلورة تفاهم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، يُفضي الى تشكيل حكومة بوظيفة اصلاحية وانقاذية، وبعدما انحدرت اللعبة الداخلية في السياسة الى ما تحت الزنّار، وبعدما تلقى لبنان ضربة هي الاعنف في هيبته ومعنوياته القضائية، لم يعد امام لبنان في موازاة هذا الاهتراء الضارب في كلّ مفاصل الدولة، سوى ان ينتظر ارتدادات هذا النزف وارتداداته الاحتقانية المتزايدة على اكثر من صعيد، وما قد يتأتّى عنها من صدمات خطيرة سياسية واقتصادية ومالية، يخشى ان تقترن بتفسّخات أمنية.


 


هذه الصورة التشاؤمية تلخّص كلّ المقاربات الداخليّة والخارجيّة للواقع اللبناني في ظل الفشل الذي يحكم الملف الحكومي، وبلوغ الخلاف العميق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف نقطة اللاعودة والافتراق النهائي. وهي في الوقت نفسه، تبعث على الخشية من تطورات دراماتيكية وتداعيات سلبية تحت اكثر من عنوان، على ما تؤكد مراجع مسؤولة لـ»الجمهورية».



وبحسب هذه المراجع فإنّ لبنان ومع استمرار انعدام الحلول الحكومية، أمام أربعة اشهر صعبة جداً على كل المستويات، حيث ان كل الخبراء الاقتصاديين والماليين في الداخل، اضافة الى المؤسسات المالية الدولية ترسم صورة سوداء قاتمة حول مستقبل الوضع في لبنان، وتجمع على اعتبار الاشهر المقبلة شديدة الصعوبة بالنظر الى ما قد يتسارع فيها من انهيارات خدماتية، وسيناريوهات خطيرة مرتبطة بسعر الدولار وما يرافق ذلك من ارتفاع فلكي بأسعار السلع، يضاف اليها التوجه نحو رفع الدعم وامتناع مصرف لبنان عن هذا الدعم الذي يستنزف ما تبقى من احتياط نقدي من العملات الصعبة.


مؤسسات تتسوّل


يأتي ذلك، في الوقت الذي يتهاوى فيه ما تبقى من هيكل الدولة، فإلى جانب الاشتباكات المريبة التي توالت حول التدقيق والجنائي وترسيم الحدود وغيرها من الملفات التي اثيرت كيداً في مسلسل توتير الداخل، وصولاً الى الصورة الفضائحية التي رافقت الاشتباك القضائي، تبرز حقيقة اكثر من موجعة، تضاف بدورها الى وجع الناس وفقرهم. وتتجلى في انّ غالبية وزارات وادارات الدولة باتت غير قادرة على تأمين القرطاسية وحتى «محارم التواليت»، ومؤسسات كبرى غير مدنية باتت تعاني من عدم قدرتها على توفير قطع غيار لآليّاتها، وحتى لأعطال طفيفة ما ادى الى توقف قسم كبير من هذه الآليات عن العمل. ومع ذوبان الرواتب وفقدان القدرة الشرائية، صرنا امام مؤسسات رسمية تتسوّل حصصاً غذائية لعناصرها.



مقفلة بالكامل


وعلى الرغم من بشاعة هذه الصورة، فإنّها لم تحرّك ساكناً لدى معطلي تأليف الحكومة، وهو الامر الذي ابقى هذا الملف مركوناً على رصيف الخلاف بين عون والحريري. وفي هذا السياق تؤكد مصادر معنية بالملف الحكومي لـ»الجمهورية» انّ الواقع المعطل مرشّح لأن يستمر لوقت طويل جداً، وكل محاولات التقريب بين عون والحريري انتهت الى الفشل الذريع، فكلاهما يقفلان الباب في وجه الآخر. وتوقعت المصادر انتقال لبنان الى مرحلة اكثر صعوبة، وخصوصاً ان الخارج، كل الخارج العربي والاوروبي والاميركي، قد استنفد كل محاولاته
ومبادراته ونصائحه في سبيل حَث معطلي الحكومة على تفاهم حولها، وقرر ان يقلّع اللبنانيون أشواكهم بأيديهم، حيث ألقى عليهم مسؤولية ايجاد الحل والتوافق، وهنا تكمن الصعوبة لأنّ اللبنانيين من الاساس، وكما دلت التجربة من استقالة حكومة حسان دياب، يرفضون الحلول والتفاهمات، ويعطلون كل المبادرات، الا التي تنسجم وتتناغم مع مصالحهم وتمكّنهم من تحقيق الغلبة على سائر الفرقاء اللبنانيين.


لا أفق للحل


واذا كان ثمة جهات سياسية اعتبرت انّ إيكال الخارج مسؤولية ايجاد الحل والتفاهم الحكومي على اللبنانيين، وهو عالم بعدم قدرتهم على ذلك، هو انكفاء مقصود ومتعمّد من قبل الجهات الدولية الفاعلة، واشارة واضحة الى انّ الحل اللبناني لم ينضج بعد، لا اميركياً ولا خليجياً، وسعودياً على وجه الخصوص، ولا نجح فرنسياً، ولا نجح روسيّاً حيث لا مبادرة روسية جدية، ما خلا دخول على الخط اللبناني عبر قوة ناعمة يعبّر عنها في اللقاءات التي بدأت مع شخصيات ورموز سياسية لبنانية


واكدت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» ان التطورات المتسارعة في المنطقة، قد تشكّل، إنْ سلكت مساراً ايجابيّاً، عاملاً مساعداً للحل في احداث خرق في الجدار الداخلي المانع للحل الحكومي في لبنان حتى الآن.
ولعل ابرز تلك التطورات، تضيف المصادر، ما حُكي عن مفاوضات سعودية ايرانية في العاصمة العراقية، حيث يؤشر صندوق التسريبات التي ترافق الحديث عن لقاء سعودي ايراني، الى ان لا إمكانية على الاطلاق لعزل لبنان عن انعكاسات هذه المفاوضات، وثمة قراءاتان في هذا الجانب، تربط الأولى تَعذّر عزل لبنان عن تلك التطورات، بكونه ليس جزيرة معزولة، وهو يتأثّر تلقائياً بما يجري من حوله. وتبعاً لذلك فإنّه من الطبيعيّ أن تنعكس سلبيات المنطقة عليه، وكذلك ايجابياتها حيث يتأتى من خلالها مناخ هادىء ومرونة وليونة حول الملفات الخلافية، ولا سيما منها الملف الحكومي. امّا القراءة الثانية فتعتبر ان لبنان واحد من الملفات الساخنة بين ايران والسعودية، وثمة العديد من المستويات السياسية تتحدث بجرأة عمّا تسميها «أولويات للتبريد»، التي يندرج في سياقها الملفان اليمني واللبناني.


كسر السياقات


الّا ان كل هذا الحديث يبقى في اطار التنظير غير المسند الى وقائع تثبته وتؤكده، وهذا معناه، كما تقول مصادر سياسية، ان ننتظر مجريات الاحداث وما ستفرزه من وقائع ومعطيات، وسواء صحّت هذه التسريبات عن مفاوضات ولقاءات، فليس معناه انها ستفضي سريعاً الى حلول سحرية، بل ان الامور لا تعالج بين ليلة وضحاها بل انها ستتطلب وقتاً طويلاً جداً، وربما الكثير من الطلعات والنزلات والمطبات التي قد لا تعد ولا تحصى.
وفي رأي المصادر انه على الرغم من الانسداد الداخلي والسوداوية المطبقة على مجمل الصورة اللبنانية، فإنّ ثمة جهداً جدياً يبذل بعيدا عن الاعلام لإنضاج حل حكومي يكسر السياقات التعطيلية بالكامل، وينقل اللعبة الداخلية من حفلة الجنون والاشتباك الجاري تحت الزنار، الى حلبة الانفتاح والنقاش العقلاني.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان ركيزة هذا الجهد هو تسريع التوافق وسحب الواقع اللبناني من حقل الالغام العالق فيه، والذي يهدد بانفجارات لا تبقي شيئاً، ولعل اخطرها الانفجار الاجتماعي والفوضى التي قد لا تبقي شيئاً في البلد.


كالاغنام


وتوضح المصادر ان الغاية من هذا الجهد تكمن في بلوغ اللبنانيين الحل لأزمتهم طوعاً، ذلك ان ما يُخشى منه ان يؤدي الانسداد الى خلق عوامل تفاقم الازمة الى حد يخلق بدوره وقائع جديدة قد تجر اليها الجميع في لبنان صاغرين، وتفرض عليهم تسوية على الساخن، وبأثمان اكثر من باهظة. لكن كل ذلك مرهون بتجاوب عون والحريري وفريقيهما السياسيين، وهو امر ليس في المتناول حتى الآن، وقد لا يتحقق، وعندها ما على اللبنانيين، وعلى وجه الخصوص المعطلون منهم للحلول، سوى ان ينتظروا اللحظة التي يُساقون فيها كالاغنام الى حلول ومخارج رغماً عنهم


إستهجان عربي


في موازاة ذلك، تتواصل التأكيدات العربية والدولية على القيادات السياسية في لبنان بمغادرة التصلّب غير المبرر في المواقف، وحيال كل محاولات الحلحلة، وايضاً مغادرة التعنّت الذي يمارَس بكيدية رهيبة عقّدت تشكيل الحكومة، وتنذر بما هو أخطر من اقفال وفراغ وشلل كامل في السلطة التنفيذية.


في هذا السياق، تقارب مصادر ديبلوماسية عربية الملف اللبناني بكثير من الاستهجان، ولا سيما حيال عدم استفادة اللبنانيين من الزخم العربي والدولي في مساعدة هذا البلد المنكوب، على الخروج من ازمته. واعتبرت المصادر «انّ الوضع اللبناني يزداد صعوبة، وبات منقاداً الى تعقيدات جمّة، تزيد من المفاعيل السلبية والمخاطر الكبرى على لبنان، والاسرة العربية تدرك اهمية ولوج حلول سريعة، لأنها تشعر بقلق كبير جدا على الاستقرار في لبنان"


وردا على سؤال عما اذا كان الحوار السعودي الايراني قد يشكل عاملا مساعدا على بلورة حل للازمة اللبنانية، اكدت المصادر «انّ اللبنانيين، قبل غيرهم، يدركون ان الازمة داخلية، وانهم باتفاقهم في ما بينهم تدخل الازمة مداراً آخر وتحل كل العقد وأولها عقدة تأليف الحكومة. وما لمسه الموفدون العرب في لقاءاتهم مع المسؤولين والمكونات السياسية اللبنانية، يؤكد انّ جوهر الازمة السياسية الحالية هو الخلاف القائم في ما بينهم على تركيبة الحكومة، وتوزُّع الاطراف السياسية على ضفاف متناحرة، ويفاقم ذلك عنصر الثقة المفقود بين بعضهم البعض.
 


المصدر:  ملحق

 

أخبار ذات صلة

 

تابعونا


 








vast