افتتاحية الغارديان: ترامب يشعل الحرب
إن استفزاز ترامب للمتشددين الإيرانيين لاستئناف برامج الأسلحة النووية هو استراتيجية عالية المخاطر يُرجح أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران وربما مع سوريا
رأت صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران قد يدفع المتشددين الإيرانيين إلى استئناف البرنامج النووي العسكري الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب بين الولايات المتحدة وإيران قد تشمل سوريا وإسرائيل. والآتي نص المقالة:
إن صوت دونالد ترامب في الشؤون الخارجية هو الصوت الذي يأتي من غطرسة الصراخ والعجرفة الشخصية. فهو يعلن التفوق من خلف ازدراء خفي ضعيف. في انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسمياً باسم خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA، فإن السيد ترامب يخاطر بتهميش إيران، وإطلاق سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وتسليم السلطة للمتشددين في طهران. فالاتفاق الذي أقرته الأمم المتحدة، هو أكثر بقليل من وعود ترامب بقبول استقلال أميركي أكبر وقيود أقل لا داعي لها.
لقد أعلن ترامب الحرب على إيران في خطاب جانب الحقائق إلى حد كبير. وعلى النقيض من ادعاءاته، فقد التزمت إيران بالاتفاق، كما يشهد مفتشو الأسلحة الدوليون. فطهران ليست على "حافة الحصول على أخطر الأسلحة في العالم". في الواقع، يسمح الاتفاق لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، ولكن لا يسمح لها ولا يمكنها استخدام هذه التقنية لإنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية. وبموجب هذا الاتفاق، لا تستطيع إيران إعادة معالجة البلوتونيوم، وهو طريق بديل لصنع تفجير نووي. يجب ألا تثير مفاجأة السيد ترامب أحداً. فهو يعتمد على التأكيدات التي تعزز الأحكام المسبقة ولكن ليس لها أساس في الحقيقة.
كان الافتراض الخاص بخطة العمل المشتركة الشاملة هو السماح لإيران بالاستفادة من الاقتصاد العالمي في مقابل نزع السلاح النووي. يتعين الآن على الولايات المتحدة أن تجد، على حد تعبير ترامب، "حلاً دائماً للتهديد النووي الإيراني". ومع ذلك، لا توجد بعد خطة من البيت الأبيض. إن غياب القيادة الأميركية في العالم سيعني أن الأوروبيين ـ وبالدرجة الأولى القوى الرئيسية في المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا ـ سيكون عليهم العمل على مضض مع روسيا والصين لدعم الاتفاق. وسيتطلب ذلك حماية الشركات والبنوك العاملة في التجارة والمعاملات المالية مع إيران.
ومن دون دعم واشنطن، قد يعني هذا اللجوء إلى صفقات بغير عملة الدولار للتهرب من العقوبات الأميركية. مثل رفضه لاتفاق باريس بشأن المناخ، عارض ترامب الصفقة النووية الإيرانية ليس لأنه فهم تفاصيل وعواقب شروط الاتفاق المعقّد، بل لأنه أراد، بشكل فاضح، أن يسجّل أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم يراعِ بالضرورة المصالح الأميركية عندما تفاوض على الاتفاق. عندما لا تكون الاتفاقيات الدولية معزولة عن الحزبية بمبدأ دستوري، فإن الصفقات من المحتمل أن تكون حلول سد الفجوة (أي حلول مؤقتة). سوف تفهم كوريا الشمالية هذا الدرس بشكل جيد للغاية.
الولايات المتحدة هي صانعة نجاح إيران. فغزوها الكارثي للعراق شهد نفوذاً إيرانياً ينمو على طول الهلال الشيعي في شمال الشرق الأوسط. يدعم وكلاء طهران "ديكتاتورية" بشار الأسد في سوريا وقد برزوا ككتل سياسية قوية في لبنان والعراق. يخلق الانفعال المناهض لإيران من قبل ترامب وفريقه رواية تكون فيها الحرب مع طهران هي السياسة الوحيدة القابلة للحياة.
إن استفزاز المتشددين الإيرانيين لاستئناف برامج الأسلحة النووية هو استراتيجية عالية المخاطر من المرجح أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران وربما مع النظام السوري. والمشكلة هي أن مثل هذا الصراع سيشمل على الأرجح روسيا وإسرائيل، وهذه الأخيرة هي قوة نووية غير معلنة ومنتقد لإيران الأكثر صراخاً. في هذه الأثناء، تدفع السعودية من أجل الحق في إثراء المواد النووية أو إعادة معالجتها. وإذا سمح لدولة الإمارات العربية المتحدة، من دون أدنى شك، بتاريخها في التغاضي عن برامج الأسلحة النووية غير المشروعة، فإنها تريد أن تفعل الشيء نفسه. يفتح السيد ترامب صندوق باندورا في الشرق الأوسط. العالم بحاجة إلى إقناعه بإغلاقه.
ترجمة: الميادين نت