قروض استثنائية من مصرف لبنان بصفر فائدة... ماذا عن آلية التطبيق؟
تفاقمت وتيرة الأزمة الإقتصادية في لبنان بفعل فيروس كورونا، فأقفلت الشركات أبوابها وأضحى الآف العمال بلا عمل وبلا مال، في هذا التوقيت تدخّل مصرف لبنان بإصدار تعميم حمل الرقم 547 يتيح للمصارف الاقتراض منه بالدولار وبفائدة صفر، مقابل استعمال المبالغ المقترضة من أجل تأجيل قروض الزبائن، وتمكين المؤسسات من تسديد الأكلاف التشغيلية، ودفع أجور العاملين لديها، بقروض فائدتها صفر لمدّة خمس سنوات، مهما كان سقف القرض. كيف يطبق هذا التعميم ومن هم المستفيدون منه؟
يصبح التعميم ساري المفعول فور نشره في الجريدة الرسمية، ويتيح لكل الأفراد المقترضين من المصارف، والذين لم يعد بإمكانهم تسديد سندات قروضهم بسبب الأزمة، إمكانية الحصول على قرض لتقسيط هذه المستحقّات عن الأشهر الثلاثة آذار ونيسان وأيار، لمدة خمس سنوات بفائدة 0%، مهما كان نوع القرض، سواء أكان قرضًا سكنيًا أو قرض سيارة أو قرضًا شخصيًا. آلية تطبيقه على الأفراد تستلزم أن يقدّم صاحب القرض ورقة براتبه تظهر أنّ مصدر دخله تراجع أو توقّف بسبب الأزمة.
عن إمكان أن تذهب هذه القروض لكبار المقترضين، يستغرب غبريل هذا الكلام الديماغوجي والعبثي، لافتًا إلى أنّ الشركات الكبيرة لديها العدد الأكبر من الموظفين وبطبيعة الحال يجب أن تستفيد من هذه القروض لتستمر. وأوضح أنّ تعميم المركزي يشمل كلّ القروض السكنية الصناعية والتجارية ومهما كان نوعها، على أن يتحقق المصرف من استيفاء المستفيدين للشروط التي وضعها مصرف لبنان على المصارف لحسن تطبيق التعميم.
غبريل اعتبر أنّ هذه المبادرة أتت لتعبئة الفراغ التي أحدثته السلطة التنفيذية لجهة تقصيرها عن دعم الإقتصاد اللبناني وعن دعم الشركات في هذه المرحلة العصيبة كي لا تقفل أبوابها وتصرف الموظفين، "خصوصًا أّن الإقتصاد في حالة جمود كلي، ونحن ذاهبون نحو إنكماش اقتصادي عام 2020، بنسبة عشرة بالمئة على الاقل بحسب تقديراتنا".
أزمة كورونا أتت لتفاقم من تداعيات الأزمتين المالية والإقتصادية في لبنان، فكيف ستواجهها الحكومة بالتوازي مع تعميم المركزي؟
غبريل، وإذ أسف لإعلان الحكومة إفلاسها، دعاها إلى اللجوء إلى الخيارات الإنقاذية المتاحة، كالطلب من صندوق النقد الدولي سلفة لا علاقة لها بالاصلاحات وشروط الصندوق، بحيث أنّ صندوق النقد وضع خطًا إئتمانيًا للبلدان التي تعاني من تداعيات أزمة كورونا، لتتمكّن هذه البلدان من تقليص تداعيات الازمة على إقتصادها، بحيث خصّص عشرة مليار دولار للبلدان الفقيرة، وأربعين مليار للبلدان ذات الدخل المتوسط، لبنان من ضمنها، وهو مؤهل أن يطلب هذه السلفة من صندوق النقد بصفر بالمئة فائدة ومن دون أي شروط. علمًا أنّ بلدانًا عديدة طلبتها منها ايران ودول عربية، متسائلًا ماذا تنتظر الحكومة اللبنانية لتفعل الشيء عينه؟
لا يمكن للشعوب تخطي الأزمات المشابهة من دون تدخل حكوماتها، وفي هذا السياق لفت غبريل إلى السلّات التحفيزية التي تطلقها الحكومات في العالم لمساعدة القطاعات الإقتصادية على مواجهة تداعيات أزمة كورونا، "فمثلا في المملكة العربية السعودية أطلقوا سلّة تحفيزية قيمتها 72 مليار دولار،الإمارات أطلقت سلّة تحفيزية بقيمة 33 مليار دولار، في مصر سلّة تحفيزية بقيمة 6 مليارات و400 مليون دولار، فضلًا عن قيام المصارف المركزية حول العالم بتخفيض الفوائد بمقدار تسع وثلاثين مرة، وقد وصلت هذه الفوائد في البنك المركزي البريطاني والإحتياطي الفدرالي الأميركي إلى أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية. وكذلك فعلت مصارف مركزية في الشرق الاوسط وافريقيا، أمّا في لبنان فلا تقدّم الحكومة أي حوافز أو دعم للشركات والمؤسسات للصمود. وأكثر من ذلك ذهبت إلى إعلان إفلاسها في السابع من آذار، والعمل الوحيد اليتيم الذي قامت به، هو تعليق وزارة المالية للمهل وتأجيل دفع الضرائب ولكنه إجراء غير كاف في ظلّ الظروف الحالية، وعلى الأقل كان يجب إعفاء الشركات من الضرائب للسنة الحالية على الأقل، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، خصوصًا بعدما أعلنت الحكومة عجزها، وفي هذا التوقيت يعمل مصرف لبنان على تعبئة الفراغ الذي تركته الحكومة بالتعاون مع المصارف التجارية".
تعميم المركزي على أهميته غير كاف لصمود الموظفين والشركات في هذه الظروف الدقيقة، ولا بدّ للحكومة من أن تفعّل إجراءاتها بالتوازي مع إعلان التعبئة العامة، كي لا يتحوّل وباء كورونا في الجغرافية اللبنانية إلى وباء أخطر، وهو وباء الجوع والعوز.