logo yajnoub    

لبنان الحكومة ترفع البطاقة الحمراء في وجه سلامة.... مواجهة مالية حكومية قريبة وواشنطن تفاوض من تحت الطاولة

2020/04/25 - 10:13:17pm   

رفع رئيسا الجمهورية والحكومة أمس البطاقة الحمراء في وجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعكست جلسة مجلس الوزراء أمس إجماع غالبية القوى المكوّنة له على رفض السياسة المالية المتبعة من قبل المركزي، طارحين اقالة سلامة جدياً على الطاولة. وحدها حركة أمل اعترضت على الموضوع طارحة العديد من علامات الاستفهام حول هذه الخطوة التي يجهد "العهد" و"التيار الوطني الحر" من ورائه على الاقدام عليها، وسط بحث مستمر عن طريقة قانونية لاقالة سلامة، خصوصاً وان قانون النقد والتسليف يمنع هذا الامر الاّ في حالات محددة جداً.


ولعل الكلام الذي أدلى به الرئيس حسان دياب، في بيان معد سلفاً، عقب جلسة مجلس الوزراء، والذي اعتبره مراقبون بمثابة "بيان رقم واحد" كشف عن مخطط بديل لفشل المحاولات المتقدمة لاقالة حاكم مصرف لبنان من خلال محاولة أخيرة لدفعه الى الاستقالة عبر تحول دياب رأس حربة هجوم غير مسبوق على لسان رئيس حكومة على حاكم مصرف مركزي حتى في حقبات الحرب والانقسامات التي انعكست على المصرف المركزي وحكامه آنذاك.




كلام دياب غير مبرر
واعتبرت مصادر سياسية بارزة  لـ"اللواء" ان لهجة كلام رئيس الحكومة حسان دياب بعد جلسة مجلس الوزراء بالامس ليست مبررة وخارجة عن المألوف ولا تتسم ببعد نظر في تحمل المسؤولية في ظرف صعب وحساس كالظرف الذي يمر به لبنان حاليا. وقالت: لايصح ان تدار شؤون الدولة بمثل هذا الأسلوب الانفعالي اللامسؤول،وان يصدر كلام بهذه الحدة تجاه حاكم مصرف لبنان من قبل رئيس الحكومة، في محاولة مفضوحة للتهرب من مسؤولية الحكومة عن التدهور المالي والصاقها بسياسات مصرف لبنان، بينما كان من المفترض أن يتم التعاطي باسلوب مختلف تماما اذا كانت هناك جدية ومسؤولية في معالجة المشكلة المالية القائمة.

وقالت المصادر ان تعاطي مسؤول كرئيس للحكومة مع حاكم مصرف لبنان الذي يعتبر موظفا كبيرا على هذا النحو، يدل عن عجز الحكومة عن مساءلته أو عدم قدرتها على محاسبته لأنها لاتملك ادلة ملموسة بحقه، بل تريد الاقتصاص سياسيا منه ورمي مسؤولية الازمة عليه لتبرير فشلها الذريع بحل الازمة.          

ولاحظت المصادر ان محاولة رئيس الحكومة تحميل مسؤولية التدهور المالي لحاكم مصرف لبنان تاتي لاستكمال نهج جبران باسيل باستهداف الحاكم سياسيا بالتناغم مع حزب الله المستاء من سلامه لالتزامه بحماية القطاع المصرفي من العقوبات الأميركية المفروضة على الحزب.وخلصت إلى القول: إن تهديدات رئيس الحكومة ضد سلامة  لا تساعد في حل الأزمة بل في تفاقمها نحو الأسوأ والنتيجة ان الحكومة  لم تضع  نفسهافي مواجهة مع الحاكم فقط، بل مع القطاع المصرفي عموما وهذا ليس في صالحها بتاتا اذا كانت ترغب بحل الازمة.

مجلس الوزراء: تباين بالآراء

وكشفت مصادر وزارية انه للمرة الاولى يدخل تقييم اداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في صلب مناقشات مجلس الوزراء لجهة دوره في وصول الواقع النقدي في البلاد الي ما وصل اليه خصوصاً مع وضع الليرة اللبنانية.

وعلمت "اللواء" ان المجلس انقسم بين مؤيد لاتخاذ اجراء بحق الحاكم سلامة (حزب الله - التيار الوطني الحر) ومعترض على ذلك (امل) فيما بقي وزراء آخرون من دون كلام في هذا المجال.

ولفتت المصادر الوزارية الى ان تفاوتاً بين آراء الوزراء ظهر بوضوح لدى سؤال رئيس مجلس الوزراء حسان دياب عمن يؤيد الاجراء بحق سلامة ومن يعترض، واكدت ان ثمة مواقف بحق سلامة اتسمت بالجدية.

وفيما كان عدد من الوزراء يدعو إلى معالجة الموضوع واستفسار الامور من الحاكم، والذهاب الى تحميله مسؤولية وصول الوضع النقدي والمالي في البلاد الى ما هو عليه، تحدث وزراء آخرون عن ان المسؤولية لا تقع على عاتق الحاكم وحده، انما هناك مسؤولون سياسيون يتحملون هذه المسؤولية.

ولفتت الى ان غالبية الوزراء شاركت بالنقاش لا سيما وزراء العدل والصناعة والصحة والمال والزراعة والاقتصاد والتجارة والبيئة وشؤون المهجرين والاتصالات والشؤون الاجتماعية.

وقالت ان اي تصويت على موضوع اقالة الحاكم من بعض الوزراء لم يطرح، كاشفة ان رئيس الجمهورية الذي لفت الى انه لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه، لم يطلب إقالة الحاكم.

وعلم ان الرئيس دياب اشار ولدى سماعه ملاحظات الوزراء بشأن دور سلامة وضرورة محاسبته واقالته، كما المواقف المتشددة بحقه، لفت الى ان الموضوع يحتاج الى درس بهدوء، وما حصل اعطانا فكرة عن مواقف الوزراء حول موضوع الحاكم واشار الى ان الموضوع يناقش لاحقا بعد التشاور مع كل الاطراف.

وكانت ملاحظات عن مواد قانون النقد التسليف في ما خص دور الحاكم.. واشار الرئيس دياب الى انه استطلع مواقف الوزراء.

وبحسب "الأخبار" وحدهما وزيرا حركة أمل، تحدّثا كفريق دفاع عن سلامة، بحيث هوّل وزير المال غازي وزني بأن "إقالة سلامة ستكون لها تداعيات خطيرة، وستؤدي إلى انهيار كامل في سعر الصرف يُمكِن أن يصِل إلى 20 ألف ليرة مقابلِ الدولار". أضاف وزني: "إن إقالة سلامة غير ممكنة في ظل الشغور في لجنة الرقابة على المصارف وفي المجلس المركزي لمصرف لبنان، إذ لا نواب للحاكم حالياً، فضلاً عن أن إقالته تحتاج إلى الاتفاق على بديل له مسبقاً". وفيما ردّ الوزير حب الله قائلاً إن "سعر الدولار يكاد يصل حالياً إلى 5000 ليرة، بوجود سلامة، وسيستمر بالارتفاع لأنه لا يتدخّل، ومش عارفين لوين واصل"، فيما قارَب وزير التربية طارق المجذوب هذه الإقالة من ناحية قانونية. وانتفض وزير الزراعة عباس مُرتضى، ظنّاً منه بأن كلام المجذوب ردّ على وزير المال، قبل أن يوضح له زملاؤه الواقع. وبعدما قال مرتضى إن قرار الإقالة بحاجة إلى توافق سياسي، كما التعيينات المالية، تدخّل الرئيس عون الذي أكد بأنه سيعمَل على تأمين توافق سياسي، سائلاً الوزراء: "إذا طُرِحت الإقالة رسمياً، هل ثمة فيكم من يُعارضها؟ من يعارضها فليرفع يده". وحدهما وزيرا حركة أمل رفعا أيديهما.

بري: نتحفظ عن الطرح
أما على ضفة رئيس مجلس النواب نبيه بري الممتنع حتى الساعة عن السير في ركب الانقلاب الجاري تنفيذ أجندته في أروقة بعبدا، فقد أوضحت مصادر وزارية قريبة من عين التينة لـ"نداء الوطن" أنّ الرئيس بري يتحفظ على طرح "الإقالة العشوائية لحاكم مصرف لبنان، خاصة في هذه الظروف التي تخلو فيها سدة حاكمية المصرف المركزي من 4 نواب للحاكم، ما سيؤدي بالتالي إلى تعطيل المصرف ذي الصلاحيات الكبرى بموجب القانون وأيضاً إلى غياب لجنة الرقابة على المصارف، مع إنتهاء ولايتها وتعطيل دور المؤسسات المصرفية في البلد".

وفي حين أعادت التحذير من أنّ "طرح تغيير الحاكم من دون تحضير الأرضية اللازمة ومن دون إعداد رؤية مناسبة للمرحلة اللاحقة ستزيد الأمور سوءاً"، ذكّرت المصادر القريبة من عين التينة بأنّ "لبنان الذي عليه إنجاز ورقة إصلاح مالية واقتصادية تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص ومصرف لبنان، يجب أن يركز جهوده على كل هذه العوامل بشكل يتضمن رؤية تفصيلية لمعالجة الأمور وليس طروحات هي كناية عن مزايدات شعبوية وعشوائية".
في الموازاة، قالت مصادر حركة أمل لـ"الأخبار" إن "إقالة رياض سلامة لم تُناقَش معنا حتى الآن، ونحن لم نوافق على شيء كما لم نرفض شيئاً، هذا الأمر يحتاج إلى نقاش سياسي في موازاة العمل الذي ستقوم به الشركة التي ستدقّق في حسابات المصرف، وإن تبيّن وجود ارتكابات، فليس هناك من سيقف إلى جانب سلامة"، علماً بأن "هذا الأمر ليسَ شرطاً، وكله يتوقف على المشاورات التي سنجريها مع حلفائنا".

مقايضة مع الثنائي؟

وسط هذه المعمعة، كشفت مصادر مطلعة لـ "اللواء" ان اتصالات تجري مفاوضات بين السفارة الاميركية في بيروت، وممثلي عن الثنائي الشيعي امل- حزب الله.

وتدور حول مقايضة تقضي بـ"مساهمة الولايات المتحدة الاميركية، ومعها المجتمع الدولي (مجموعة الدعم) للمساعدة الفعلية في انقاذ الوضع الاقتصادي ومنع انهيار النظام المالي.

مقابل موافقة "الثنائي" مع حلفاء آخرين على اجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتقصير ولاية رئيس الجمهورية الحالي.

ونفت "امل" ما جرى تداوله في بعض وسائل الاعلام حول اتصالات جرت مع الحركة لجهة موقفها من مسألة الحكم، وقالت: لم يعرض احد على قيادتها اي اقتراح، وبالتالي لم تعط اية اجابة. وموقف الوزراء في الجلسة كان واضحاً لجهة ان الامر بحاجة لمشاورة سياسية قبل اعطاء موقف.

سلامة يتحضر للردّ
في المقابل، من المرتقب أن يكون لحاكم المصرف المركزي "كلام قريب" يفضح فيه بعضاً من ارتكابات التركيبة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى الانهيار، حسبما علمت "نداء الوطن" من مصادر مواكبة للحملة السياسية التي يتعرض لها سلامة، أكدت المصادر أنّ سلامة "اتخذ قراره بالرد على دياب فور سماع كلامه" أمس، وأردفت طارحةً جملة أسئلة: "هل من المعقول أن يصدر هكذا كلام عن رئيس حكومة، بحيث يلجأ إلى الشعب بدل أن يثبت قدرته على معالجة الأزمات؟ وهل يدرك رئيس الحكومة أنّ حملته ستسبب انهياراً إضافياً في سعر الليرة في السوق؟ وهل يكتفي بالشكوى أمام المواطنين ويتهرب من دور حكومته في لجم ارتفاع سعر الصرف وتسوية الوضع النقدي؟ ثم ما هي إنجازات هذه الحكومة فعلياً سوى الهيركات على ودائع المواطنين وقرار صرف 650 مليون دولار على سد بسري، وتهريب عميل إسرائيلي من السجن وعرقلة التعيينات القضائية وفرملة التعيينات المالية بانتظار الاتفاق على الحصص؟".

المعارضة تتحرك
وكان لافتاً الرد العنيف للرئيس سعد الحريري على دياب، وعلمت "النهار"ان رد الحريري سيشكل فاتحة ردود وبيانات ومحطات إعلامية متلاحقة اذ يبدو انه قرر فتح باب المواجهة حيال كل ما أورده امس في بيانه .

الحريري لم يكن وحده في المواجهة، حيث دخل الحزب التقدمي الاشتراكي بدوره على الخط، في اول موقف بارز له من الاتجاهات التي أعلنتها الحكومة اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ "النهار " ان "الأساس هو البحث في أسباب الانهيار وليس ان تحمل الحكومة سلامة او غيره المسؤولية فهناك فريق سياسي يواصل سياسة إفقار اللبنانيين ليتمكن لاحقا من تنفيذ مشروعه". وحذر جنبلاط من ان هناك "غرفة سوداء تريد انشاء لجنة برئاسة موظف كبير في وزارة المال ليقوم بالتحقيق مع الوزراء السابقين وربما الحاليين وهذا امر مستغرب" .



 


،


المصدر:   لبنان 24

 

أخبار ذات صلة