خطر منزلي صامت يهدد نمو دماغ الجنين
أطلقت دراسة حديثة أجرتها جامعة "إيموري" الأمريكية تحذيرا صريحا بشأن خطر غير مرئي يتسلل إلى منازلنا، ويهدد النمو العصبي للأجنة داخل أرحام الأمهات، فقد كشفت الدراسة أن مركبات كيميائية تُعرف باسم "الفثالات"، والمستخدمة على نطاق واسع في المنتجات اليومية، يمكن أن تؤثر سلبا على الدماغ النامي لدى الجنين.
الفثالات: مواد كيميائية شائعة في كل منزل
تُستخدم الفثالات في مئات المنتجات اليومية، منها أغلفة الطعام، ألعاب الأطفال، الشامبو، مزيلات العرق، العطور، وحتى مواد التجميل والبلاستيك المرن، ومع مرور الوقت، تتسرب هذه المواد إلى البيئة المحيطة، وتنتقل عبر الطعام والماء لتدخل مجرى دم الأم، حيث تتمكن من عبور المشيمة والتأثير على الجنين في مراحله الأولى.
دراسة تحليلية: آثار خطيرة على مستوى الجزيئات
حلل الباحثون في الدراسة بيانات من 216 سيدة في المراحل المبكرة من الحمل و145 سيدة في مراحل متقدمة، ضمن إطار دراسة حول الأمهات والأطفال الأمريكيين من أصل إفريقي في أتلانتا. وقد تم فحص عينات البول للكشف عن نسب الفثالات، إلى جانب تحليل عينات دم للأطفال بعد الولادة لقياس التأثيرات المحتملة.
نتائج مقلقة: اضطراب في الهرمونات والنواقل العصبية
أظهرت نتائج الدراسة أن ارتفاع مستويات الفثالات في بول الأمهات قبل الولادة ارتبط بانخفاض مستويات التيروزين، وهو حمض أميني يؤثر على إنتاج هرمون الثيروكسين، الضروري لنمو الدماغ والعظام، كما تبين وجود انخفاض في التربتوفان، الحمض الأميني المسؤول عن إنتاج السيروتونين، والذي يلعب دورا رئيسيا في التواصل بين الخلايا العصبية.
ويؤدي انخفاض السيروتونين إلى مشاكل في المزاج، النوم، التعلم، والذاكرة، وهي وظائف حيوية تتطور خلال فترة الحمل. وقد أظهرت اختبارات لاحقة أن الأطفال الذين تعرضوا لمستويات مرتفعة من الفثالات كانوا أقل تركيزا وأبطأ استجابة في اختبارات الانتباه.
قيود الدراسة وعوامل إضافية تؤثر على النتائج
على الرغم من النتائج المثيرة للقلق، أشار الباحثون إلى وجود بعض القيود التي قد تؤثر على دقة النتائج، مثل نقص المعلومات حول النظام الغذائي للمشارِكات أو نوع الولادة، كما أن بعض الأمهات المشاركات أبلغن عن سلوكيات قد تزيد من خطر التأثيرات العصبية، مثل:
تناول الكحول (10%)
استخدام التبغ (15%)
تعاطي الماريغوانا (40%)
وهي عوامل قد تعزز التأثيرات السلبية للفثالات على نمو دماغ الأطفال.
الفثالات: "المواد الكيميائية في كل مكان"
علق الدكتور دونغهاي ليانغ، عالم الصحة العامة المشارك في الدراسة، قائلاً:
"أجرينا هذه الدراسة لأن الفثالات موجودة في كل تفاصيل حياتنا اليومية، ولهذا سُمّيت بالمواد الكيميائية المنتشرة في كل مكان، ومن الضروري فهم تأثيرها على نمو الدماغ قبل الولادة على المستوى الجزيئي."
توصيات للحماية: خطوات بسيطة لحماية الأجنة
رغم انتشار الفثالات، يمكن اتخاذ خطوات وقائية لتقليل التعرض لها، مثل:
تجنّب تسخين الطعام في أوعية بلاستيكية.
استخدام منتجات عناية شخصية خالية من الفثالات.
اختيار ألعاب أطفال آمنة ومعتمدة.
الابتعاد عن المنتجات ذات الروائح الصناعية القوية.
نحو وعي صحي جديد لحماية الأجيال القادمة
تُعد هذه الدراسة تنبيها جادا للأمهات والعائلات حول العالم بضرورة الانتباه إلى المواد الكيميائية المحيطة بنا، فالخطر قد لا يكون مرئيًا، لكنه حاضر في تفاصيل حياتنا اليومية، ويؤثر على أهم ما نملكه: صحة أطفالنا ونموهم العصبي السليم.
المصدر: ديلي ميل
