اكتشاف علمي يحدث ثورة في علاج جفاف الفم المؤلم
كشف باحثون من جامعة سيتشوان بالتعاون مع جامعة بكين عن السبب الجذري لجفاف الفم الناتج عن متلازمة شوغرن، أحد أكثر الاضطرابات المناعية الذاتية انتشارا، والتي تؤثر بشكل خاص على النساء حول العالم، ويمهد هذا الاكتشاف الطريق نحو علاجات جذرية تستهدف أصل الخلل في الغدد اللعابية، بدلاً من الاكتفاء بتخفيف الأعراض فقط.
تريسيلولين: الحارس المفقود لوظيفة الغدد اللعابية
حدد العلماء أن فقدان بروتين يُدعى تريسيلولين (tricellulin)، المسؤول عن إحكام الوصلات الخلوية داخل الغدد اللعابية، هو السبب الأساسي لانهيار الحواجز الخلوية وتوقف إفراز اللعاب، وعندما يتعطل هذا البروتين بسبب الالتهاب، تبدأ المواد الضارة بالتسرب من خلال الأنسجة، مما يؤدي إلى جفاف شديد في الفم وأعراض مزمنة تعيق الأكل، والكلام، والنوم.
قلب المعادلة: من إدارة الأعراض إلى إصلاح الخلل البنيوي
الأهم من ذلك، تمكن الباحثون من عكس الضرر في نماذج مخبرية باستخدام علاجين تجريبيين، الأول هو دواء يُعرف بـ AT1001، والثاني جزيء مثبط لـ microRNA-145. كلا العلاجين نجحا في استعادة إفراز اللعاب الطبيعي في الفئران، ما يؤكد أن الضرر قابل للعلاج وليس دائمًا كما كان يُعتقد سابقا.
جامعة بكين تفك شفرة آلية التلف
في دراسة نُشرت في المجلة الدولية لعلوم الفم في 19 مارس 2025، أظهرت جامعة بكين أن تريسيلولين يُدمَّر في مراحل مبكرة من متلازمة شوغرن، وقد تمكن الفريق البحثي من تتبع سلسلة التفاعلات البيولوجية التي تؤدي إلى انهيار هذا البروتين، بدءا من إفراز الإنترفيرون-غاما (IFN-γ)، الذي يُفعّل مسار JAK/STAT1، مما يزيد من إنتاج microRNA-145، الذي بدوره يثبط ترجمة تريسيلولين.
إثبات قاطع عبر تجارب الهندسة الجينية
قام الباحثون بتربية فئران تفتقر لبروتين تريسيلولين، ولاحظوا ظهور أعراض مطابقة تمامًا لتلك التي يعاني منها مرضى شوغرن. وعند تطبيق العلاجين السابقين، لوحظ إصلاح كامل لوظيفة الغدد اللعابية، مما يعزز الثقة في قابلية تطبيق هذه النتائج على البشر.
تصريح علمي: خطوة نحو علاج فعلي
قالت الدكتورة شين كونغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة:
"نحن لا نهدّئ الالتهاب فحسب، بل نصلح فعليا الخلل البنيوي في الغدد، الأمر أشبه بإصلاح أنبوب ماء مثقوب بدلًا من تجفيف الأرضية فقط، نجاح كلا الأسلوبين العلاجيين يعطينا ثقة كبيرة في تطوير علاجات جاهزة للمرضى."
آفاق مستقبلية: الأمل في الوقاية والعلاج المبكر
يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تشخيص مبكر لفقدان تريسيلولين، مما يسمح بالتدخل الوقائي قبل أن يصل التلف إلى مرحلة لا رجعة فيها، كما أن دواء AT1001 قد اجتاز تجارب في حالات أخرى، ما قد يُسرّع خطواته نحو الاستخدام السريري في علاج شوغرن.
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأبحاث قد تنطبق على أمراض أخرى تشمل اضطرابات الغدد أو الحواجز الخلوية، مثل جفاف العين وبعض أمراض الأمعاء، وهكذا يمثّل هذا الإنجاز نقطة تحول محورية في أبحاث أمراض المناعة .
المصدر: SciTechDaily.com
