رسم خريطة الطريق إلى كنز الهيدروجين الطبيعي: طاقة نظيفة تكفي البشرية لـ170 ألف سنة
تمكن فريق بحثي دولي من تحديد العوامل الجيولوجية الرئيسية التي تساعد في العثور على خزانات ضخمة من الهيدروجين الطبيعي النظيف، وهو عنصر يُنظر إليه باعتباره حجر الأساس في مساعي الابتعاد عن الوقود الأحفوري والانتقال إلى مستقبل طاقي أكثر استدامة.
- الهيدروجين المدفون: كنز دفين في قشرة الأرض
تشير أحدث الدراسات إلى وجود تراكمات هائلة من الهيدروجين الطبيعي مدفونة تحت سطح الأرض في مناطق متعددة من العالم، تشمل 30 ولاية أمريكية على الأقل. ويعتقد العلماء أن اكتشاف هذه الخزانات سيسرّع من وتيرة التحول العالمي في مجال الطاقة، نظرًا لقدرتها على توفير مصدر مستدام ونظيف للطاقة.
- عقبة الفهم الجيولوجي: خطوة أولى نحو الاكتشاف
رغم هذه الإمكانيات الواعدة، لا يزال الفهم العلمي لآليات تكون الهيدروجين الطبيعي ومواقع تراكمه محدودا ولهذا قاد البروفيسور كريس بالنتين، أستاذ الكيمياء الجيولوجية بجامعة أكسفورد، فريقًا بحثيًا وضع قائمة تفصيلية بالعوامل التي تؤدي إلى تشكّل الهيدروجين وتخزينه في قشرة الأرض.
وأوضح بالنتين قائلاً: "المهمة الآن تتمثل في تحديد المواقع التي يُطلق فيها الهيدروجين ويتجمع ويتم احتجازه تحت الأرض".
- 170 ألف سنة من الطاقة النظيفة: أرقام مبهرة
وفقا للتقديرات، فإن قشرة الأرض قد أنتجت خلال المليار سنة الماضية كمية من الهيدروجين الطبيعي تكفي لتلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة لمدة تقارب 170 ألف عام. هذه الكمية الهائلة تشير إلى أن الأرض تخبئ مصدرا فائقا للطاقة، لا يزال في معظمه غير مستغل.
- ثلاثية الخزان الطبيعي: الشروط الجيولوجية للتراكم
يتطلب تشكل خزان هيدروجين طبيعي فعال توافر ثلاث مكونات أساسية:
1. مصدر للهيدروجين ناتج عن تفاعلات كيميائية طبيعية.
2. صخور خزان قادرة على تخزين الغاز.
3. أختام جيولوجية تمنع تسرب الهيدروجين من باطن الأرض.
- أمثلة واعدة: كانساس ومجمعات الأوفيوليت
من بين المواقع الجيولوجية التي تشير إليها الدراسة كمناطق واعدة، ولاية كانساس الأمريكية، حيث أدّى صدع جيولوجي قديم إلى تراكم صخور البازلت القادرة على إنتاج الهيدروجين عند تفاعلها مع المياه.
كما سلطت الدراسة الضوء على مناطق تُعرف باسم مجمعات الأوفيوليت، وهي بقايا قشرة محيطية اندفعت إلى سطح الأرض، وكذلك أحزمة الحجر الأخضر الأركي، التي تعود إلى مليارات السنين، باعتبارها بيئات جيولوجية غنية بالهيدروجين المحتمل.
وفي عام 2024، عُثر بالفعل على خزان كبير من الهيدروجين في مجمع أوفيوليت في ألبانيا، مما يؤكد صحة الفرضيات الجيولوجية التي طرحها الفريق البحثي.
- دور الميكروبات والتحديات الحيوية
أشارت الدراسة أيضا إلى عامل بيولوجي مهم: الميكروبات الجوفية التي تتغذى على الهيدروجين. وجود هذه الكائنات قد يقلل من احتمالية تراكم الغاز في بعض البيئات الجيولوجية، وهو ما يمثل تحديًا إضافيًا في عمليات الاستكشاف.
- الهيدروجين في الصناعة والطاقة
يُستخدم الهيدروجين حاليا في تصنيع مواد كيميائية أساسية مثل الأمونيا والميثانول، وله دور متزايد في مجالات الطاقة النظيفة مثل تشغيل السيارات الكهربائية ومحطات الكهرباء.
إلا أن الغالبية العظمى من الهيدروجين المُستخدم اليوم يُنتج من الهيدروكربونات، وهو ما يسبب انبعاثات كربونية عالية. في المقابل، يتميز الهيدروجين الطبيعي المنتج تحت الأرض ببصمة كربونية منخفضة، مما يجعله خيارا مثاليا للطاقة النظيفة.
- التحدي القادم: من الاكتشاف إلى الاستغلال
رغم وفرة الهيدروجين الطبيعي، يظل التحدي الرئيسي هو تحديد الظروف الجيولوجية الدقيقة التي تؤدي إلى تراكمه بكميات قابلة للاستخراج التجاري، وهو ما تسعى الجهود العلمية الحالية إلى تحقيقه.
المصدر: لايف ساينس
