دراسة تكشف عن رابط محتمل بين فيروس في الدماغ واضطرابات نفسية كالفصام والاكتئاب
تمكن باحثون من مركز جونز هوبكنز الطبي في دراسة حديثة رائدة نشرتها مجلة Translational Psychiatry، من تحديد وجود فيروس التهاب الكبد C (HCV) داخل الضفيرة المشيمية (Choroid Plexus) في أدمغة مرضى يعانون من الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد، ما يُعد اكتشافا قد يعيد رسم خارطة فهمنا للأمراض النفسية.
- الضفيرة المشيمية: مفتاح بيولوجي بين الدماغ والمناعة
تُعد الضفيرة المشيمية شبكة من الأوعية الدموية والخلايا المتخصصة الموجودة في بطينات الدماغ، وهي المسؤولة عن إنتاج السائل الدماغي الشوكي (CSF) الذي يحيط بالدماغ والحبل الشوكي ويوفر لهما الحماية، كما تساهم في تكوين الحاجز الدموي-CSF الذي يتحكم في انتقال المواد بين الدم والسائل الدماغي.
وجود فيروس HCV، المعروف بتسببه في تلف الكبد، في هذا الجزء الحساس من الدماغ يشير إلى أنه قد يؤثر في كيمياء الدماغ والإشارات المناعية، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور أعراض نفسية أو تفاقمها.
- أنسجة دماغية وسجلات طبية إلكترونية لـ285 مليون شخص
شملت الدراسة تحليلاً لأنسجة دماغية مأخوذة من أشخاص بعد وفاتهم، سواء ممن كانوا يعانون من اضطرابات نفسية أو لا، بالإضافة إلى مراجعة بيانات السجلات الطبية الإلكترونية لأكثر من 285 مليون شخص، ما أعطى قوة إحصائية كبيرة للنتائج.
وقد لاحظ الباحثون وجود كميات أكبر من الفيروسات بشكل عام في أدمغة المصابين بالفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، ولكن فيروس HCV كان الوحيد الذي ظهر حصريًا في بطانة الدماغ لهؤلاء المرضى، دون ظهوره في عينات الأشخاص الأصحاء.
- ليس كل من يحمل فيروس HCV يُصاب بأعراض نفسية
من اللافت أن الدراسة بيّنت أيضا أن وجود فيروس HCV في الجسم لا يعني بالضرورة انتشاره إلى الدماغ، إذ لم يظهر الفيروس في بطانة الدماغ لدى جميع المصابين به، مما يشير إلى آليات مناعية أو جينية قد تكون مسؤولة عن انتقال الفيروس إلى الدماغ لدى فئة معينة فقط.
- فرصة لعلاجات جديدة: هل يؤدي علاج الفيروس إلى تحسن نفسي؟
صرّح سارفين سابونسيان، أستاذ مشارك في طب الأعصاب وطب الأطفال في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز وقائد الفريق البحثي، قائلاً: "بعض الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام قد يكونون في الواقع مصابين بعدوى فيروسية من نوع التهاب الكبد C. وربما يؤدي علاج العدوى الفيروسية إلى تحسّن في الأعراض النفسية لديهم."
كما أضاف في حديثه لموقع Newsmax أن وجود الفيروسات في بطانة الدماغ يستحق مزيدًا من الدراسة في أمراض أخرى مثل ألزهايمر والتصلب المتعدد، حيث تُطرح فرضيات عن دور محتمل للفيروسات في تطورها.
- نحو مستقبل جديد في تشخيص الاضطرابات النفسية
يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام مسارات تشخيص وعلاج جديدة في مجال الطب النفسي، خصوصا إذا ما ثبت أن إزالة العدوى الفيروسية يمكن أن تُحسن الأعراض النفسية. ويمثل ذلك نقطة تحول في فهمنا للعلاقة بين الجهاز المناعي والدماغ، ويوحي بأن بعض الاضطرابات النفسية قد تكون ناتجة جزئيا عن تفاعلات فيروسية مزمنة داخل الدماغ.
المصدر: موقع Newsmax Health
