نتائج "بيروت الثانية" صادمة فهل جرى التآمر على المشنوق؟
جاءَ توزيع الأصوات التفضيلية في بيروت الثانية على المرشّحين الفائزين صادماً أكثر من نسبة التصويت نفسها، التي اضافت انه لم يكُن أحد ليتخيّل أن يتقدّم أمين شرّي على سعد الحريري، وأن يحلّ نهاد المشنوق السادس في ترتيب المقاعد السنية!، بحسب ما اشارت صحيفة "الأخبار".
مرّ المساء ثقيلاً على كافة القوى السياسية في دائرة بيروت الثانية ليلة فرز الأصوات، لا بل صَدم الجميع. لا لجهة انخفاض نسبة التصويت والأرقام التي نالتها بعض اللوائح، فحسب، بل لعدد الأصوات التفضيلية التي نالها المرّشحون.
ولفتت الصحيفة في مقال للكاتبة ميسم رزق الى ان أرقام الأصوات التفضيلية تحمل بحسب توزيعها دلالات عدّة. تقدّم مرشحون وتراجع آخرون، علماً بأن مناخات ما قبل اليوم الانتخابي المنهِك قدّمت إحصاءات مغايرة تماماً، وهذا أمر له حساباته لاحقاً، في معرض تقييم دور الماكينة المعنية. من كان يتخيّل للحظة أن يحصُد مرشح حزب الله في عاصمة لبنان الحاج أمين شرّي أصواتاً تفضيلية أكثر من الرئيس سعد الحريري، وأن يحتّل المركز الأول في العاصمة؟ كيف يُمكن أن يحلّ النائب نهاد المشنوق في المرتبة الرابعة في لائحة "المستقبل لبيروت"، والسادس على صعيد ترتيب المقاعد السنية الستة؟.
الى ذلك فان كل المعطيات كانت تشير، بحسب المقال، إلى إمكانية حلول وزير الداخلية في المرتبة الثانية بعد الحريري، وأن الرئيس تمّام سلام وضعه "دقيق"، وهذا الأمر جعله يحرد ويزعل في مرحلة ما، ما استوجب مراضاته وتطييب خاطره من الحريري شخصياً، حتى إن المرشحّة عن المقعد السنّي في بيروت رولا الطبش جارودي سبقت وزير الداخلية، بينما كانت تقديرات بعض الماكينات تشير إلى أنها قد تكون من بين الأسماء المرشحة للسقوط!.
الى ذلك ظهر خلال الجولات الشعبية التي كان المرشحون يقومون بها في أحياء العاصمة أن ثمة شخصيات "ستاراً" وأخرى عادية. تفاعل الناس مع المرشحين والمرشحات لم يكُن متوازناً. هذا الواقع تجلّى تحديداً داخل تيار المستقبل. أمرٌ أدى إلى سخط عدد من المرشحين على لائحة "المستقبل لبيروت"، فضلاً عن تبادل اتهامات بتسويق مرشحين على حساب زملائهم. الحماسة التي قوبل بها تحديداً نهاد المشنوق كانت تشي بأنه يتقدّم جميع زملائه، باستثناء الحريري. مشهد وصفه أحد الكوادر المستقبليين قبل الاقتراع بأنه "نوع من التكاذب، وأن أصوات الناس في السرّ ستكون غيرها في العلن". ورجّحت مصادر أخرى في التيار الأزرق أن يكون الرقم التفضيلي الذي حصده المشنوق مردّه إلى "تآمر داخلي من قلب التيار نفسه يهدف إلى تحجيم الرجل وتلقينه درساً"، وأشارت إلى أن هذا الرقم يعني أن "المشنوق نال أصوات ماكينته وحسب، ولم يستفِد ولو بصوت واحد من أصوات رئيس الحكومة والتيار".
يفسر هذا الترجيح، بحسب الصحيفة، الأخبار التي سبق أن تحدثّت عن تضارب حسابات (سياسية) بين الماكينات التي تولّت الحملات الانتخابية لمرشّحي تيار المُستقبل، والصراع على النفوذ في العاصمة، فضلاً عن محاولة الماكينات تناتش الأصوات التفضيلية، ما أدى في نهاية المطاف إلى قلب كل المعادلات لغير مصلحة المشنوق.
في المقابل يرفض أحد المعنيين بالماكينة المركزية ما يسميه "التحليلات غير الواقعية"، ويؤكد أن ما ناله المشنوق "ليس بفضل عضلاته أبداً"، "لا بل نحن واجهنا في المرحلة الأولى صعوبة في التشبيك بين نخبوية وزير الداخلية وعفوية الشارع، خصوصاً بعدما تبين لنا أن هنالك من يتحسّس من مواقفه أو شخصيته، وليس خافياً على أحد أن بعض اللقاءات الشعبية في العاصمة كانت ترتدّ على وزير الداخلية بسبب عدم اعتياده التواصل والتخاطب يومياً مع الناس".
من جهة أخرى، قال خبير انتخابي أن حاجة الحريري إلى تمرير نوابه السنّة "دفع به الى توزيع أصواته التفضيلية، الأمر الذي أدى أولاً إلى انخفاض الأعداد التي نالها، وثانياً إلى تراجع المشنوق لصالح زملائه"، ورأى أن "ارتفاع نسبة التصويت الشيعية في العاصمة (جاءت أعلى من نسبة تصويت السنّة) هي التي جعلت شرّي يحتّل المرتبة الأولى. كذلك فإن ارتياح حزب الله في الدائرة وكذلك حركة أمل، لم يستدعِ منهما توزيع الأصوات التفضيلية إلا في ما ندر".