logo yajnoub    

علاج الاكتئاب بغاز الضحك: اكتشاف علمي جديد

2025/04/04 - 08:59:57am       


كشف العلماء عن آلية جديدة قد تفسر كيف يمكن لغاز الضحك (أكسيد النيتروز) أن يساعد مرضى الاكتئاب من خلال إعادة تنشيط دوائر الدماغ التي تتعطل بسبب الإجهاد المزمن، وفقا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، فإن هذا الغاز المعروف باستخدامه التخديري يمكن أن يُحدث تحسنا سريعا في المزاج مع تأثيرات قد تستمر لأسابيع.

الحاجة الملحة لعلاجات الاكتئاب سريعة المفعول

على الرغم من توفر العديد من الأدوية والعلاجات لمرض الاكتئاب الرئيسي، فإن حوالي ثلث المرضى لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، وهي حالة تُعرف بالاكتئاب المقاوم للعلاج (TRD)، وحتى عندما تنجح الأدوية التقليدية، فإنها غالبا ما تتطلب أسابيع لظهور تأثيرها، مما يؤخر الشعور بالتحسن للمرضى الذين قد يكونون في أمس الحاجة للراحة الفورية.

غاز الضحك: حل قديم لمشكلة حديثة

في مسعى لتطوير علاجات سريعة المفعول، تحول فريق بحثي بقيادة الدكتور بيتر ناجيلي، الأستاذ في التخدير والرعاية الحرجة والطب النفسي بجامعة شيكاغو، إلى دراسة أكسيد النيتروز المعروف باسم "غاز الضحك"، وعلى عكس استخدامه المعروف في عيادات الأسنان لتخفيف القلق، فقد أظهرت جرعات منخفضة منه نتائج واعدة في تحسين أعراض الاكتئاب المقاوم.
يقول الدكتور ناجيلي: "أكسيد النيتروز هو أقدم مخدر نعرفه - حيث يُستخدم منذ أكثر من 180 عاما، بتكلفة لا تزيد عن 20 دولارا للخزان، وما زلنا نكتشف إمكاناته العلاجية".

آلية عمل جديدة تكسر المفاهيم السابقة

لطالما اعتقد العلماء أن تأثيرات غاز الضحك المضادة للاكتئاب ترتبط بقدرته على منع مستقبلات NMDA في الدماغ، وهي نفس الآلية المفترضة لعقار الكيتامين. لكن الدراسة الجديدة كشفت عن مسار مختلف تماما،
باستخدام تقنيات تصوير الكالسيوم المتقدمة، لاحظ الباحثون نشاط الدماغ في الفئران التي تعرضت للإجهاد المزمن ثم عولجت بغاز الضحك، ووجدوا أن الغاز يعمل على تنشيط نوع محدد من الخلايا العصبية في القشرة الحزامية (الخلايا الهرمية في الطبقة الخامسة أو L5)، والتي عادة ما تكون خاملة في حالات الاكتئاب المرتبط بالإجهاد.

قنوات البوتاسيوم: المفتاح السحري

تكمن الآلية الدقيقة في تأثير غاز الضحك على قنوات البوتاسيوم من نوع SK2 في الخلايا العصبية L5، هذه القنوات مسؤولة عادة عن تثبيط نشاط الخلايا العصبية، لكن غاز الضحك يعمل على منعها، مما يسمح للخلايا بالبقاء نشطة ويحول الدائرة الدماغية إلى حالة أكثر استثارة وحيوية.
يشرح الدكتور ناجيلي: "هذا التأثير 'لإزالة التثبيط' - حيث يصبح الدماغ أقل كبتًا وأكثر انخراطا - يبدو أنه السبب الرئيسي للفوائد المضادة للاكتئاب، فهو يساعد على إعادة تنشيط الدوائر العصبية التي خمدت بسبب الإجهاد والاكتئاب دون الحاجة إلى تكوين روابط دماغية جديدة تماما".

آفاق مستقبلية واعدة

رغم الحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم المدة التي يمكن أن تستمر فيها هذه التأثيرات العصبية، فإن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام تطوير جيل جديد من الأدوية المضادة للاكتئاب، بدلاً من الاعتماد على غاز مستنشق يحتاج إلى إشراف طبي، يمكن للعلماء تطوير أدوية فموية تحاكي هذه الآلية الجديدة.
يختتم الدكتور ناجيلي: "هذه الدراسة تقربنا خطوة من فهم كيفية مساعدة أكسيد النيتروز للمرضى الذين لم يستجيبوا لأي علاج آخر. إذا تمكنا من عزل المسارات الدقيقة المشاركة، فيمكننا تطوير علاجات جديدة للاكتئاب تكون أكثر سهولة في الاستخدام وأطول أمدا".
هذا البحث المهم يمثل تحولًا في فهمنا لعلاجات الاكتئاب سريعة المفعول، ويقدم أملاً جديدا للملايين حول العالم الذين يعانون من الاكتئاب المقاوم للعلاجات التقليدية.


المصدر:   SciTechDaily.com

 

 علاج الاكتئاب بغاز الضحك: اكتشاف علمي جديد

أخبار ذات صلة