كيف يغير الدوبامين مفتاح الخوف في الدماغ ويُفعل الهدوء
كشفت دراسة جديدة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عن آلية قوية في الدماغ تساعد على "إلغاء تعلم" الخوف بواسطة إشارات المكافأة المدفوعة بواسطة الدوبامين. الباحثون تتبعوا مسارا بين الخلايا المنتجة للدوبامين ونوعين من الخلايا في اللوزة الدماغية، ليكتشفوا أن الدوبامين لا يرسل فقط إشارات الخطر، بل يلعب دورًا حاسمًا في تهدئة المخاوف من خلال تعزيز التعلم الإيجابي، هذا الاكتشاف يفتح أبوابا جديدة لمعالجة القلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ليس من خلال قمع الخوف، بل بتعليم الدماغ بنشاط أنه آمن.
- كيف يرسل الدماغ إشارات الأمان بعد الخطر؟
عندما يمر الخطر، يكون للدماغ طريقة للإشارة إلى أنه أصبح آمنًا. هذه الإشارة الداخلية تشبه "رسالة تأكيد الأمان"، التي تساعد في إطفاء الخوف. دراسة جديدة أجراها علماء الأعصاب في MIT على الفئران تظهر أن هذه الإشارة يتم تفعيلها من خلال إفراز الدوبامين عبر دائرة دماغية محددة، تكشف النتائج عن آلية حاسمة تساعد في تنظيم التوازن العاطفي، عندما يعمل مسار الدوبامين بشكل صحيح، يعزز الهدوء، ولكن عند حدوث خلل، قد يؤدي ذلك إلى القلق المستمر أو حتى الإصابة بـ اضطراب ما بعد الصدمة.
- التعلم غير المكتمل للخوف في الدماغ: منافسة بين مجموعات خلايا الدماغ
في دراسة سابقة لعام 2020، أظهرت مختبرات تونغوا في MIT أن تعلم الخوف وتعلم إلغاءه يعتمد على منافسة بين مجموعتين مختلفتين من الخلايا في اللوزة الدماغية، المنطقة المعنية بمعالجة العواطف، عندما تتعلم الفأرة ربط مكان ما بالخطر (مثل تلقي صدمة كهربائية خفيفة)، تخزن خلايا معينة في اللوزة الدماغية ذاكرة الخوف. لكن عندما تتعلم الفأرة لاحقًا أن نفس المكان لم يعد خطيرًا، تخزن مجموعة أخرى من الخلايا في اللوزة الدماغية ذاكرة إطفاء الخوف التي تلغي الذاكرة الأولى.
الغريب أن هذه الخلايا المرتبطة بتعليم إطفاء الخوف ترتبط أيضًا بمعالجة المكافأة، وهو ما يفسر سبب الشعور بالراحة بل والمتعة أحيانًدا عندما يتوقف التهديد المتوقع عن الظهور.
- دور الدوبامين في إطفاء الخوف وتثبيته
في الدراسة الجديدة، سعى الباحثون لاكتشاف ما الذي يحفز خلايا اللوزة الدماغية لتخزين هذه الذكريات، أظهرت التجارب أن الدوبامين هو المسؤول عن تنشيط هذه الخلايا عبر مسار عصبي محدد. في إحدى التجارب، تتبع العلماء كيف يرتبط نشاط الدوبامين في اللوزة الدماغية بتشفير الخوف وإطفائه، خلال التجربة، أظهر الفئران نشاطًا أكبر للدوبامين في الخلايا المرتبطة بإطفاء الخوف عندما توقفت الصدمات الكهربائية عن الحدوث، مما سمح لهم بتخفيف خوفهم.
- تأكيد الدور السببي للدوبامين في تعلم الخوف وإطفائه
أظهرت تجارب لاحقة باستخدام التقنية الضوئية (optogenetics) أن النشاط الدوباميني في اللوزة الدماغية له تأثير مباشر على تعلم الخوف وإطفائه، عندما تم قمع المدخلات الدوبامينية إلى اللوزة الدماغية، أُضعِف إطفاء الخوف، وعندما تم تنشيط المدخلات، تسارع إطفاء الخوف. هذه النتائج تؤكد أن الدوبامين ليس فقط موجودا في عملية تعلم الخوف، بل له دور فعال في حدوثها.
- التداعيات لعلاج القلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
بينما تعرف العلماء الآن الآلية المسؤولة عن إطفاء الخوف، فإن الظاهرة الأكبر لتعلم الخوف وإطفائه تحدث على نطاق واسع في الدماغ، ولا تقتصر على هذه الدائرة العصبية فقط. ومع ذلك، فإن هذه الدائرة تعتبر نقطة رئيسية يمكن استهدافها في تطوير العلاجات لمشاكل القلق واضطراب ما بعد الصدمة. قد يفتح هذا الاكتشاف الطريق لاستخدام تعديلات الدوبامين في معالجة الاضطرابات المرتبطة بالخوف، مثل القلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
تقدم هذه الدراسة من معهد MIT رؤى جديدة حول كيفية تفاعل الدوبامين مع خلايا الدماغ لتعلم الخوف وإطفائه، مما يساعد في فتح طرق جديدة لعلاج الاضطرابات النفسية مثل القلق واضطراب ما بعد الصدمة، فبدلاً من قمع الخوف، يمكن الآن للدماغ "إعادة تعلم" الهدوء من خلال تحفيز خلايا المكافأة، مما يوفر أملًا جديدًا في العلاج النفسي العصبي.
المصدر: webteb
