هل يجب أن نقلق إذا قال طفلنا في المدرسة الابتدائية إن لديه
إذا كان لديك طفل في المرحلة الابتدائية، فقد لا تتوقع أن تتعامل مع مواضيع تتعلق بالعلاقات العاطفية، من الطبيعي أن تظن أن هذه الأمور تنتمي إلى فترة المراهقة أو المرحلة الثانوية، لكن الواقع مختلف قليلاً.
فعلى الرغم من أن الأطفال الصغار لا يعيشون الحب الرومانسي كما يفعل البالغون، إلا أنهم قد يعبرون عن اهتمامهم بعلاقات من نوع "حبيب" أو "حبيبة"، أو حتى يستخدمون عبارات مثل "أنا أواعد فلانا".
- لماذا يتصرف الأطفال بهذه الطريقة؟
هذا السلوك شائع وطبيعي في مراحل الطفولة المبكرة، وهو أحد وسائل الأطفال لاستكشاف العالم من حولهم.
في هذه المرحلة من النمو، تلعب التفاعلات الاجتماعية المختلفة دوراً في مساعدة الطفل على فهم المشاعر والمعايير الاجتماعية بطريقة آمنة وخيالية. كما تتيح له هذه التجارب ممارسة مهارات الترابط الاجتماعي (كيفية تكوين علاقات وثيقة) وفهم ديناميكيات العلاقات بين الأفراد.
تمامًا كما يلعب الأطفال أدوار "الأب والأم" أو "الأخوة"، قد يتمثلون في أدوار "الحبيب والحبيبة" أو ينظمون حفلات زفاف وهمية خلال اللعب.
- التأثيرات الثقافية والاجتماعية
تتأثر تصرفات الأطفال أيضًا بما يشاهدونه في الأفلام، والحكايات، والكتب، والبرامج التلفزيونية، بالإضافة إلى تقليدهم لإخوتهم الأكبر سنًا أو زملائهم في المدرسة.
فعلى سبيل المثال، قد يلهمهم مشهد رومانسية "آرييل" و"الأمير إريك" في فيلم The Little Mermaid لتقليده. وبالمثل، قد يقلدون حركات قتالية من مسلسل Ninjago في ساحة المدرسة.
ويُشير عالم النفس "إريك إريكسون" إلى أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاما يمرون بمرحلة يسعون فيها للحصول على القبول من الكبار ومن أقرانهم، وهو ما يفسر لماذا قد يشعر الطفل بالحاجة إلى أن يكون له "حبيب" ليبدو مقبولا أو محبوبا اجتماعيا.
وقد يكون الضغط الاجتماعي أيضًا دافعا، مثل أن يقول الطفل: "كل طلاب الصف لديهم حبيب، لذا يجب أن يكون لديّ واحد أيضا".
- ما الحدود الصحية التي يجب وضعها؟
رغم أن اللعب بعلاقات "الحبيب والحبيبة" يعد سلوكا طبيعيا قبل سن البلوغ، من المهم التأكد من أن الأطفال يظلون ضمن حدود صحية.
إذا كان الأطفال يعبرون عن مشاعرهم بعناق أو إمساك بالأيدي، فيجب أن تكون هذه التصرفات مناسبة ولطيفة ومتبادلة، وألا تتم دون رضا الطرفين. الألعاب القديمة مثل "أمسك وابقِّل" لم تعد مقبولة، لأنها تنطوي على فرض تصرفات دون موافقة واضحة.
ومع بداية البلوغ، تتحول مشاعر الطفولة البريئة إلى مشاعر أكثر عمقًا، مما قد يؤدي إلى نشوء علاقات فعلية تتسم بعاطفة أقوى.
ولهذا السبب، من الضروري أن نستمر بالتحدث مع الأطفال عن مفهوم الموافقة وكيف يبدو ويشعر ويُفهم، مع مراعاة اختلاف العمر، ولكن دون التخلي عن المبادئ الأساسية.
- كيف تتحدث مع طفلك عن هذه الأمور؟
عند مناقشة هذه المواضيع مع طفلك، احرص على عدم السخرية من مشاعره أو إظهار الغضب تجاهه.
إذا كان طفلك يكتشف مشاعره أو يشعر بالفضول حيال العلاقات، فمن المهم أن يشعر بالأمان للتعبير عن ذلك دون أن يواجه حكما أو توبيخا، يجب أن يشعر أن بمقدوره الحديث عن مواضيع معقدة أو كبيرة دون خجل أو إحراج أو خوف من العقاب.
تذكّر، السلوك قد لا يكون مناسبًا، لكن هذا لا يعني أن الطفل "غريب" أو "سيئ". فالمشاعر طبيعية، والمهم هو التوجيه السليم.
إذا شعر الطفل بأنه لا يستطيع التعبير عن هذه المشاعر، فقد يظن أن هناك خطأً فيه، مما قد يؤدي إلى تدنٍ في احترام الذات.
يمكنك توجيه الحديث بطرح سؤال مثل: "ما الذي يعجبك في هذا الصديق؟" لتجنب استخدام مصطلحات "حبيب" أو "حبيبة". ويمكنك أيضًا مشاركة تجاربك الشخصية كأن تقول: "كان لديّ أصدقاء مقربون في المرحلة الابتدائية، كنا نقوم بكل شيء معًا، دون أن نكون حبيبًا وحبيبة".
وإذا شعرت بوجود سلوك غير مناسب، يمكنك التواصل مع والدي الطفل الآخر أو مع المدرسة للمساعدة في وضع حدود جديدة لجميع الأطفال المعنيين.
اهتمام الأطفال الصغار بمواضيع العلاقات هو أمر طبيعي ويدخل ضمن عملية استكشافهم للعالم الاجتماعي والعاطفي من حولهم. دور الأهل لا يقتصر على القلق، بل يشمل التوجيه الإيجابي والتواصل المفتوح والداعم، مما يساعد الطفل على فهم مشاعره وتكوين علاقات صحية لاحقًا في حياته.
المصدر: ميديكال إكسبريس
