السر العلمي وراء أضخم آذان في مملكة الحيوانات
تُعد الأفيال من أكثر الحيوانات تميزا في العالم، ليس فقط لضخامتها وذكائها وسلوكها الاجتماعي المعقد، بل أيضا لأمر آخر ملفت للنظر: آذانها العملاقة، وفي الواقع تُعد الأفيال الإفريقية (Loxodonta africana) صاحبة أكبر آذان في مملكة الحيوانات، إذ يمكن أن يصل طول الأذن الواحدة إلى مترين، وعرضها إلى 1.2 متر. أما أفيال آسيا (Elephas maximus)، فلها آذان أصغر حجما وأكثر استدارة.
ورغم أن هذه الآذان تشكل ما يقرب من 17% من طول جسم الفيل، فإنها ليست الأكبر من حيث النسبة إلى حجم الجسم، إذ يتفوق عليها في ذلك "اليربوع طويل الأذن" (Euchoreutes naso). ومع ذلك، يظل امتلاك آذان بطول مترين أمرا مذهلا في عالم الحيوان.
- التكيّف مع الحرارة: تبريد الجسم بفعالية
بحسب الخبراء، السبب الرئيسي وراء ضخامة آذان الأفيال هو حاجتها لتبريد أجسامها الكبيرة، خصوصا في البيئات الحارة كالسافانا والغابات والمروج الإفريقية، ويشرح عالم الحفريات الفقارية بجامعة ميشيغان، الدكتور ويليام ساندرز، أن الأفيال لا تعرق مثل البشر، بل تمتلك وسائل تبريد طبيعية مذهلة، تتمثل في آذانها الضخمة المليئة بالأوعية الدموية الكبيرة.
تلك الأوعية الدموية تمر عبر جلد رقيق للغاية، وتُمكّن الفيل من ضخ ما يصل إلى 20% من دمه إلى آذانه، ثم تبدأ الأذن في الترفرف لتبديد الحرارة. ويضيف الدكتور أدفايت جوكار، أمين متحف التاريخ الطبيعي بفلوريدا، أن تدفق الدم الحار عبر سطح الأذن الواسع يساعد في إطلاق الحرارة إلى الهواء المحيط، ليعود الدم بعدها أكثر برودة إلى الجسم، مما يساعد في تنظيم درجة حرارة الفيل بكفاءة عالية.
- قدرة على التكيّف مع البيئات المختلفة
دعم السجل الأحفوري هذه النظرية أيضا، فأسلاف الأفيال، كالماموث الصوفي، بدؤوا حياتهم في إفريقيا، ثم انتقلوا إلى مناطق أبرد، ونتيجة لذلك أصبحت آذانهم أصغر تدريجيًا. ويؤكد ساندرز: "نعلم من بقايا الماموث المحنطة في سيبيريا أن آذانها كانت صغيرة للغاية مقارنة بالأفيال الإفريقية، وكان وجود الفراء أهم من امتلاك آذان كبيرة، لأنه يحافظ على حرارة أجسامها".
- وظائف أخرى لآذان الأفيال
رغم أن الوظيفة الأساسية لآذان الأفيال هي التبريد، إلا أن لها وظائف أخرى أيضا:
التواصل: تساعد الآذان في نقل الإشارات الاجتماعية. فمثلًا، عندما ينوي الفيل الهجوم، يفتح أذنيه ويرفرف بهما ليبدو أكبر حجما وأكثر تهديدا.
السمع: هناك دراسات تشير إلى أن الآذان تلعب دورا في تركيز الموجات الصوتية، مما يعزز قدرة الفيل على سماع الأصوات منخفضة التردد.
اكتشاف الاهتزازات: يمكن للأفيال استشعار الذبذبات عبر أقدامها التي تحتوي على مستقبلات خاصة (جسيمات باشيني)، ما يمكّنها من التواصل عبر مسافات طويلة باستخدام الذبذبات الأرضية.
- ذكاء اجتماعي وإشارات مرئية
من المعروف أن الأفيال كائنات اجتماعية للغاية، ولا يمكنها الإشارة باستخدام الأطراف الأمامية كما تفعل بعض الحيوانات، لذا تعتمد على إشارات بصرية مثل حركة الآذان. وتُعتبر هذه الإشارات ضرورية جدا في التفاعلات اليومية، سواء كانت تحذيرية أو تعبيرا عن الاستعداد للتفاعل أو القتال.
في النهاية، لا تُمثّل آذان الأفيال مجرد سمة جسدية ضخمة فحسب، بل هي أداة متعددة الوظائف تلعب دورا محوريا في حياتها اليومية من التبريد وحتى التواصل الاجتماعي، ما يجعلها مثالا حيا على روعة التكيف في الطبيعة.
المصدر: livescience
