logo yajnoub    

مفاجأة علمية: الدماغ ينتج نفس الإنسولين الذي يصنعه البنكرياس

2025/06/17 - 07:16:56am    باسم عمور    

لطالما اعتُبر البنكرياس العضو الوحيد المسؤول عن إنتاج الإنسولين، وهو الهرمون الحيوي الذي ينظم سكر الدم، ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون، حتى من المتخصصين في السكري، هو أن الدماغ أيضًا ينتج الإنسولين – نفس الإنسولين الذي يُفتقد تمامًا في مرضى السكري من النوع الأول، والذي لا يعمل بكفاءة في النوع الثاني.
- اكتشاف قديم تجاهله العلماء لعقود
رغم أن العلماء يعرفون منذ أكثر من قرن أن جزر لانغرهانس في البنكرياس تحتوي على خلايا بيتا المنتجة للإنسولين، فإن إنتاج الإنسولين في الدماغ لم يحظَ بالاهتمام ذاته. ففي عام 1978، أظهرت دراسة أن تركيزات الإنسولين في أدمغة الفئران كانت أعلى بعشر مرات – وأحيانا مئة مرة – من تركيزاته في بلازما الدم.
لكن هذه النتائج تم تجاهلها لاحقا بعد دراسات أوحت بأن الإنسولين الموجود في الدماغ مصدره البنكرياس فقط، نتيجة انتقاله عبر الدم. لم يكن لدى العلماء حينها الأدوات اللازمة لاكتشاف الآليات الخلوية لإنتاج الإنسولين داخل الدماغ.
- خلايا دماغية متعددة تصنع الإنسولين
ما توصل إليه العلم حديثا أن هناك أنواعا متعددة من الخلايا الدماغية التي تنتج الإنسولين، بعضها تم إثباته في أدمغة القوارض والبشر معا، وبعضها الآخر في القوارض فقط من هذه الخلايا:
خلايا نيوروغليافورم: تقع في مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة، ويبدو أن إنتاج الإنسولين فيها مرتبط بتركيز الغلوكوز، تمامًا مثل خلايا بيتا البنكرياسية.
الخلايا العصبية السلفية (Neural Progenitors): تساهم في توليد خلايا عصبية جديدة خلال الحياة، وتنتج الإنسولين.
خلايا في البصلة الشمية: مسؤولة عن معالجة حاسة الشم وتنتج أيضا الإنسولين، وإن كان دوره فيها لا يزال مجهولا.
الإنسولين الدماغي يؤثر على النمو والشهية
في دراسة نُشرت عام 2020، أُثبت أن الخلايا العصبية الحساسة للتوتر في تحت المهاد (الهايبوثالاموس) – وهي منطقة مسؤولة عن النمو والتمثيل الغذائي – تنتج وتفرز الإنسولين، وقد أدى تعرّض الفئران للتوتر إلى انخفاض إنتاج الإنسولين الدماغي، ما انعكس على مستويات هرمون النمو وتسبب في نقص الطول.
أما الضفيرة المشيمية (Choroid Plexus)، المسؤولة عن إنتاج السائل الدماغي الشوكي، فقد تم اكتشاف قدرتها مؤخرًا على إنتاج الإنسولين لدى الفئران. هذه المنطقة توصل الإنسولين مباشرة إلى تجاويف الدماغ، مما يسمح بانتشاره إلى مناطق واسعة، ومنها مركز الشهية في تحت المهاد.
وفي دراسة عام 2023، تبيّن أن تعديل إنتاج الإنسولين في الضفيرة المشيمية يغيّر من سلوك تناول الطعام عبر "إعادة برمجة" شبكة الشهية في الدماغ، كذلك أظهرت دراسة أخرى أن الخلايا المنتجة للإنسولين في الجزء الخلفي من الدماغ (جذع الدماغ) تقلل من الشهية أيضا.
- علاقة الإنسولين الدماغي بصحة الدماغ والشيخوخة
رغم أن الإنسولين الدماغي لا يتحكم بمستويات السكر في الدم كما يفعل البنكرياسي، إلا أن دوره في الحفاظ على صحة الدماغ يتزايد وضوحا، خصوصا مع التقدم في السن. على سبيل المثال، يُشار إلى مرض ألزهايمر أحيانا بـ"السكري من النوع الثالث"، بسبب مقاومة الدماغ للإنسولين فيه.
هذا الاضطراب في استخدام الغلوكوز، مصدر الطاقة الأساسي للدماغ، يُحدث فجوة في الطاقة تصل إلى 20%، حتى بدون فقدان خلايا عصبية، وقد أظهرت بعض الدراسات أن استنشاق الإنسولين عن طريق الأنف يحسّن الأداء المعرفي في بعض مرضى ألزهايمر.
- هل المزيد من الإنسولين الدماغي دائما مفيد؟
ليس بالضرورة، فدراسات على النساء أظهرت أن ارتفاع مستويات الإنسولين في السائل الدماغي الشوكي قد يرتبط بانخفاض الأداء المعرفي.
أسئلة كثيرة بلا إجابة حتى الآن
من الأسئلة الجوهرية التي لم تُحسم بعد: من جاء أولا؟ هل بدأت قصة الإنسولين في الدماغ أم في البنكرياس؟ مع تراكم الأدلة، يُتوقع أن تُحدث هذه الاكتشافات ثورة في كتب الطب والبيولوجيا قريبا، بدلا من انتظار ثلاثين عاما أخرى.


المصدر:   Sciencealert

 

 مفاجأة علمية: الدماغ ينتج نفس الإنسولين الذي يصنعه البنكرياس

أخبار ذات صلة

 

تابعونا