logo yajnoub    

لماذا تتحول المحيطات إلى اللون الأخضر في المناطق القطبية؟

2025/06/24 - 07:50:09am    باسم عمور    

كشفت تحليلات حديثة لبيانات الأقمار الصناعية أن محيطات العالم آخذة في التغير من حيث لونها الطبيعي، حيث يزداد الاخضرار في المناطق القطبية، في حين تتعمق درجات الزرقة في المناطق القريبة من خط الاستواء، هذا التغير لا يتعلق فقط بالجمال البصري للمحيطات، بل يعكس تحولا جوهريا في النظم البيئية البحرية، كما تشير نتائج الدراسة التي نشرتها مجلة Science.
- العوالق النباتية والكلوروفيل: الجاني الرئيسي
يرتبط هذا التغير في لون المحيطات ارتباطا وثيقا بتركيز الكلوروفيل الموجود في العوالق النباتية، وهي كائنات مجهرية تؤدي دورًا أساسيًا في دورة الكربون وتغذية السلسلة الغذائية البحرية.
قاد فريق دولي من الباحثين، تحت إشراف البروفيسور هايبينغ تشاو من جامعة ديوك، دراسة موسعة استخدموا فيها بيانات الأقمار الصناعية التابعة لناسا، والتي رصدت الضوء المنعكس من سطح المحيط المفتوح يوميا بين عامي 2003 و2022. وقد استُبعدت المناطق الساحلية من التحليل نظرا لتداخل الرواسب وتأثيرها على دقة القياس.
- الأدوات المستخدمة: مؤشرات اقتصادية لتحليل بيئي
لفهم التوزيع المتفاوت لتركيز الكلوروفيل، اعتمد العلماء على أدوات تحليل اقتصادية مثل منحنى لورينز ومؤشر جيني، وهي أدوات تُستخدم عادة في تحليل التفاوت الاقتصادي. ومن خلال هذا المنهج غير التقليدي، استطاع الفريق تحديد الأماكن التي تتجمع فيها كميات كبيرة من الكلوروفيل بدقة، فكانت النتيجة أن المناطق "الغنية" تزداد ثراءً (أي أكثر خضرة)، والمناطق "الفقيرة" تزداد فقرًا (أي أكثر زرقة).
- الحرارة هي العامل الحاسم
بحث العلماء في مجموعة من العوامل التي قد تفسر هذا التغير، مثل:
درجة حرارة سطح البحر
سرعة الرياح
كمية الإضاءة
عمق الطبقة المختلطة من المياه
وأظهرت التحليلات أن درجة حرارة المحيطات هي العامل الوحيد المرتبط بشكل واضح مع هذه التغيرات. إذ يبدو أن ارتفاع درجات الحرارة يسهم في إعادة توزيع العوالق النباتية، مؤثرا بذلك على اللون الظاهري للمحيطات.
ومع ذلك، شدد الباحثون على ضرورة التريث في استخلاص استنتاجات نهائية حول التأثير المباشر لتغير المناخ، لأن مدة الدراسة التي امتدت لعشرين عاما قد لا تكون كافية لاستبعاد تأثير الظواهر المناخية الدورية مثل ظاهرة النينيو.
- التداعيات البيئية والاقتصادية: أكثر من مجرد لون
هذا التغير في توزيع العوالق النباتية لا يقتصر تأثيره على لون المياه، بل يمتد ليشمل دورة الكربون العالمية. فالعوالق النباتية تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء التمثيل الضوئي، وإذا ماتت وغاصت إلى أعماق المحيط، فإنها تسجن هذا الكربون لقرون. لكن إذا بقيت بالقرب من السطح، فإن الكربون يُعاد إلى الغلاف الجوي بسرعة أكبر، ما يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
كذلك، يُتوقع أن يؤدي انخفاض كثافة العوالق النباتية في المناطق الاستوائية إلى تراجع إنتاجية مصايد الأسماك، لا سيما في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط مثل جزر المحيط الهادئ. إذ تُشكل العوالق النباتية الحلقة الأولى في السلسلة الغذائية، وأي اضطراب فيها قد يؤدي إلى إعادة توزيع تجمعات الأسماك وبالتالي التأثير سلبًا على الأمن الغذائي والاقتصادي لهذه الشعوب.
- تحوّل لون المحيطات مؤشر على خلل بيئي عميق
التحول الظاهري في ألوان المحيطات هو مجرد غلاف خارجي لتحولات أعمق وأكثر تعقيدًا في النظم البيئية البحرية. وبينما تسعى الأبحاث إلى فهم هذا التغير وربطه بتغير المناخ، يبدو أن المحيطات بدأت تنذرنا مبكرا بأن التوازن البيئي في خطر.


المصدر:   science.mail.ru

 

 لماذا تتحول المحيطات إلى اللون الأخضر في المناطق القطبية؟

أخبار ذات صلة

 

تابعونا