logo yajnoub    

اضطراب دماغي خفي يُربك الأطباء ويُترك دون تشخيص

2025/04/29 - 04:28:18am   

تخيّل أن تفقد فجأة القدرة على تحريك طرف من جسدك، أو أن تصبح غير قادر على المشي أو الكلام، فتسارع إلى المستشفى لإجراء الفحوصات، ليخبرك الأطباء بعد ذلك أن "كل شيء طبيعي"، وأنه لا يوجد ما يدعو للقلق ومع ذلك، تستمر الأعراض في تقييدك، وتُتهم أحيانا بالمبالغة أو التمثيل.
هذا هو واقع الكثير من المصابين بـ"الاضطراب العصبي الوظيفي"، أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعا، ولكنه أيضا من أكثرها تجاهلا وسوء فهم.
- ما هو الاضطراب العصبي الوظيفي؟
الاضطرابات العصبية هي حالات تؤثر على أداء الجهاز العصبي، المسؤول عن نقل الإشارات بين الدماغ وسائر أعضاء الجسم لتنظيم الحركة، والنطق، والرؤية، والتفكير، والهضم وغيرها.
ويُعد الاضطراب العصبي الوظيفي حالة يشبه فيها المصاب مريض السكتة الدماغية أو التصلب اللويحي أو الصرع، لكن دون وجود أي تلف عضوي في الدماغ أو الأعصاب، إذ تُظهر الفحوصات والتصوير الدماغي نتائج طبيعية تمامًا.
المشكلة تكمن في طريقة معالجة المعلومات بين شبكات الدماغ، أي أن الخلل في "البرمجيات" لا في "العتاد"، مما يصعب تشخيصه على الأطباء غير المتخصصين.
- أعراض متعددة ومربكة
تتنوع أعراض الاضطراب العصبي الوظيفي بشكل كبير، مما يزيد من صعوبة التعرف عليه. وتشمل الأعراض ما يلي:
شلل أو حركات غير طبيعية مثل الرجفان أو النوبات أو التشنجات.
اضطرابات حسية كالتنميل، أو فقدان الإحساس، أو العمى المؤقت.
نوبات انفصالية تشبه نوبات الصرع أو فقدان الوعي.
أعراض إدراكية كتشوش التفكير، أو صعوبة في إيجاد الكلمات.
إرهاق وألم مزمن يترافق غالبًا مع الأعراض السابقة.
وقد تستمر هذه الأعراض لسنوات في حال عدم العلاج، بل قد تؤدي إلى اعتماد البعض على الكراسي المتحركة مدى الحياة.
- تشخيص دقيق يتطلب خبرة
يتطلب تشخيص هذا الاضطراب معرفة علامات سريرية محددة، مع استبعاد الحالات الأخرى، ويتم ذلك عادةً من قبل أطباء أعصاب أو أطباء نفس-عصبيين ذوي خبرة.
ورغم شيوعه، إلا أن ضعف الوعي به بين الكوادر الطبية يؤدي إلى تأخر التشخيص، مما يفاقم معاناة المرضى ويطيل أمد الأعراض.
انتشار واسع يفوق التوقعات
يصيب الاضطراب العصبي الوظيفي ما بين 10 إلى 22 شخصًا من كل 100,000 سنويا، ما يجعله أكثر شيوعا من التصلب اللويحي. ومع ذلك، يُظن خطأً أنه نادر بسبب ضعف التشخيص والوصمة المرتبطة به.
وغالبا ما يُصاب به الشباب والنساء، حيث تشكل الإناث ثلثي الحالات تقريبًا، وإن كانت الفجوة بين الجنسين تتقلص مع التقدم في العمر.
- الأسباب: تداخل بين البيولوجيا والنفس والاجتماع
لا يزال فهمنا لهذا الاضطراب في تطور مستمر، لكن عدة عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة، منها:
العوامل البيولوجية والوراثية
الضغوطات النفسية والصدمة
التوتر، القلق، والاكتئاب
الإصابات الجسدية أو الأمراض السابقة
ورغم ذلك ليس جميع المرضى مرّوا بصدمة أو ضغط نفسي كبير، ما يؤكد أن السبب معقد ومتعدد العوامل.
- العلاج: فرصة للتحسن إذا شُخّص مبكرا
إن تُرك المرض دون علاج، يبقى نصف المرضى على حالهم أو تسوء أعراضهم. لكن عند التدخل المبكر بواسطة فريق طبي متخصص، يحقق كثيرون تحسنًا ملحوظًا.
العلاج يشمل:
إعادة تأهيل فردي يشرف عليه مختصون.
فرق متعددة التخصصات تشمل العلاج الفيزيائي، والعلاج الوظيفي، والنطق، والدعم النفسي.
تثقيف المريض لفهم المرض والابتعاد عن الأفكار الخاطئة، مما يعزز فرص الشفاء.
علاج الأمراض المرافقة مثل الاكتئاب أو القلق.
- ماضٍ مظلم يُلقي بظلاله على الحاضر
تعود جذور هذا الاضطراب إلى مفهوم "الهستيريا" في العصور السابقة، حيث ارتبطت الأعراض النفسية بالنساء فقط وتم تجاهلها أو الاستهزاء بها، وما زالت هذه النظرة النمطية تُؤثر على تعامل المجتمع والأطباء مع المرضى.
هذا الإرث التاريخي أدى إلى نقص التعليم الطبي حول الاضطراب، حيث يعاني كثير من الأطباء من قلة المعرفة والثقة في التعامل معه.
- مستقبل مشرق يلوح بالأمل
لحسن الحظ، تزايد الوعي والاهتمام بهذا الاضطراب خلال العقد الماضي. تُجرى حاليًا تجارب سريرية على عدة علاجات، منها:
العلاج الفيزيائي المتخصص
العلاج النفسي الحديث
التحفيز الدماغي غير الجراحي
وتُسهم منظمات يقودها المرضى في تحسين أنظمة الرعاية الصحية والدفع نحو بحوث وتثقيف أوسع. الهدف هو تأسيس معايير رعاية عالمية، تجمع بين المرضى والأطباء والباحثين في مواجهة هذا الاضطراب المربك والمؤلم.


المصدر:  Sciencealert

 

اضطراب دماغي خفي يُربك الأطباء ويُترك دون تشخيص

أخبار ذات صلة

 

تابعونا


 








vast