دراسة جينية تربط مئات العلامات الجينية باضطراب الوسواس القهري

يعد اضطراب الوسواس القهري من أكثر الأمراض النفسية تدميرا للفرد على مستوى العالم. يصيب حوالي 1 من كل 50 شخصًا حول العالم، ويعد من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فقدان سنوات من الحياة بسبب الإعاقة، يسبب هذا المرض تأثيرات سلبية على قدرة الشخص على العمل والتفاعل مع محيطه، بالإضافة إلى التأثيرات على أسرته.
- أسباب اضطراب الوسواس القهري: الجينات والبيئة
تظل الأسباب الدقيقة لاضطراب الوسواس القهري مجهولة، ولكن الدراسات تشير إلى أن العوامل الجينية والبيئية تلعب دورا كبيرا في تطور المرض. يمكن أن يكون للاضطراب تاريخ عائلي، حيث تشير الدراسات إلى أن بين 40% إلى 65% من حالات الوسواس القهري مرتبطة بالعوامل الجينية.
على الرغم من أن بعض الأمراض الجينية يتم التسبب بها بواسطة جين واحد خاطئ، مثل التليف الكيسي أو مرض هنتنغتون، إلا أن اضطراب الوسواس القهري يتأثر بمئات إلى آلاف الجينات التي تلعب كل منها دورا صغيرا في خطر الإصابة بالمرض.
- نتائج الدراسة: اكتشاف مئات العلامات الجينية
في بحثنا الجديد، قمنا بتحليل الحمض النووي لأكثر من 53,000 شخص مصاب باضطراب الوسواس القهري وأكثر من 2 مليون شخص غير مصاب بالمرض، تمثل هذه الدراسة أكبر دراسة من نوعها تتعلق بهذا المرض. اكتشفنا مئات من العلامات الجينية التي قد تكون مرتبطة بالوسواس القهري، وهي بيانات نأمل أن تساهم في تحسين طرق تحديد الأشخاص المعرضين للإصابة بالمرض وتطوير العلاجات.
- كيفية دراسة جينات الوسواس القهري: دراسة الربط الجيني
لتحديد الجينات المرتبطة بخطر اضطراب الوسواس القهري، يستخدم العلماء طريقة تسمى "دراسة الربط الجيني عبر الجينوم" (GWAS). في هذه الدراسات، يتم مقارنة الحمض النووي لآلاف الأشخاص المصابين بالمرض مع الأشخاص الأصحاء، للبحث عن اختلافات صغيرة في المواد الجينية قد تشير إلى وجود ارتباطات مع الاضطراب.
- الجينات المرتبطة بالوسواس القهري
من خلال دراستنا، حددنا 30 منطقة في الجينوم مرتبطة بالوسواس القهري، تحتوي على 249 جينا من الممكن أن تكون ذات صلة، من بين هذه الجينات، برز 25 جينا باعتبارها المساهمين الرئيسيين في تطور اضطراب الوسواس القهري.
- العلاقة بين الوسواس القهري والأمراض النفسية الأخرى
وجدنا أيضا علاقات جينية بين الوسواس القهري وبعض الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب، والصرع، والفصام. كما تم العثور على روابط جينية بين الوسواس القهري واضطرابات القلق والاكتئاب.
- الجينات المرتبطة بالمناعة والوسواس القهري
من المثير للاهتمام أننا اكتشفنا أيضا تداخلا جينيا بين اضطراب الوسواس القهري والحالات المتعلقة بالجهاز المناعي، في حين أن الوسواس القهري يبدو مرتبطا بزيادة خطر الإصابة بالربو والصداع النصفي، إلا أنه قد يكون مرتبطا بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الأمعاء الالتهابية.
- النتائج والتوجهات المستقبلية
إن هذه الدراسة تساعد العلماء على فهم كيفية عمل الدماغ في الأشخاص المصابين بالوسواس القهري، وتتيح فرصة للتوصل إلى طرق أكثر تخصيصا للتشخيص والعلاج، مع استمرار الأبحاث وزيادة حجم الدراسات، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تطوير علاجات أكثر فعالية ومخصصة.
في النهاية، يمثل اضطراب الوسواس القهري حالة معقدة قد تختلف من شخص لآخر، لكن فهم العوامل الجينية والبيولوجية التي تساهم في تطور المرض يعد خطوة نحو تحسين طرق التشخيص والعلاج، مع الدراسات المستقبلية، نتطلع إلى الوصول إلى علاجات شخصية تعمل على تحسين حياة ملايين الأشخاص المصابين بالوسواس القهري في جميع أنحاء العالم.

المصدر:   Sciencealert