كريستال ذكي يغيّر لونه لكشف الملوثات في الهواء والماء

تخيل كريستالا يتغير لونه فور ملامسته لمادة ملوثة، ليكشف عن وجودها بشكل فوري ومرئي، هذا ليس من نسج الخيال، بل هو اختراع علمي حقيقي من اليابان، فقد تمكن علماء من معهد شيبورا للتكنولوجيا من تطوير كريستال مبتكر قادر على اكتشاف ملوثات مثل النفثالين، بمجرد التعرض لها، عبر تغيّر لونه من الأزرق المخضر إلى البنفسجي المحمر.
- كريستال يغيّر لونه لكشف النفثالين
نجح الباحثون في تصميم جزيء جديد يُعرف بمشتق البيرازيناسين، يمتلك قدرة فريدة على نقل الشحنات الإلكترونية داخل الجزيء نفسه (نقل شحنة داخلي) وبين الجزيئات (نقل شحنة خارجي)، عند تعرّض هذا الكريستال لمادة النفثالين، وهي من الملوثات المعروفة في الهواء والمياه، يغيّر لونه بشكل واضح، مما يجعله أداة مثالية للرصد البيئي الفوري.
- تكنولوجيا ثورية قابلة لإعادة الاستخدام
اللافت في هذا الابتكار أن تغير اللون قابل للعكس، أي أن الكريستال يمكن أن يعود إلى لونه الأصلي بعد إزالة النفثالين، ما يجعله قابلاً لإعادة الاستخدام مرات متعددة. وقد صرّح فريق البحث بأن هذا الابتكار يمهد الطريق لتطوير حساسات كيميائية من الجيل القادم، تسهم في حماية صحة الإنسان والبيئة.
- كريستال مزدوج في نقل الشحنات
لفهم آلية هذا الكريستال، من الضروري التعرف على نوعَي نقل الشحنات: الداخلي (ICT) داخل الجزيء، والخارجي (CT) بين جزيئين مختلفين، تُستخدم هذه الآليات في تطبيقات تقنية عدة مثل الصبغات، الشاشات العضوية (OLED)، والخلايا الشمسية.
ولكن دمج هاتين الآليتين في مادة واحدة كان يمثل تحديا كبيرا، بسبب الحاجة إلى تصميم جزيئي دقيق واستقرار تركيبي في ظروف نقل إلكتروني سريع، للتغلب على هذا التحدي، صمم الباحثون مركبا جديدا يحتوي على مجموعات مانحة للإلكترونات (ترايفينيل أمين) وأخرى مستقبِلة (مجموعة السيانو)، مرتبطة عبر نواة حلقية فقيرة بالإلكترونات.
- تكوين بلورات حساسة للنقل الإلكتروني
عند دمج هذا المركب مع النفثالين بنسبة مثالية (1:1)، تتشكل بلورة جديدة تغير من تدفق الإلكترونات، بحيث تنتقل بعض الإلكترونات من النفثالين إلى المركب، مما يؤدي إلى تغير لونه من الأزرق المخضر إلى البنفسجي المحمر، في ظاهرة تُعرف بنقل الشحنات بين الجزيئات.
وأوضح الباحث الرئيسي "كازوشي ناكادا"، وهو طالب دراسات عليا في معهد SIT: "لقد صممنا جزيئا يوازن بين النقل الداخلي والخارجي للشحنات، مما يجعله قادرا على كشف حتى الكميات الضئيلة من النفثالين في المياه العذبة والمالحة من خلال تغير بسيط في اللون."
- كفاءة انتقائية وإمكانية التكرار
المثير في نتائج الدراسة أن هذا الكريستال لم يُظهِر أي تغير لوني عند اختباره مع مركبات شبيهة بالنفثالين مثل أوكتافلورنفتالين، مما يؤكد انتقائيته العالية تجاه النفثالين تحديدًا. كما أثبتت تحاليل الأشعة السينية أن البلورة تتكون فقط عند وجود النفثالين.
وعند تسخين الكريستال إلى درجة حرارة 180 مئوية، تم طرد النفثالين منه، فعاد إلى لونه الأصلي، مما يؤكد قابليته لإعادة الاستخدام بفعالية عالية.
يمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في مجال الاستشعار الكيميائي البيئي، حيث يجمع بين الحساسية العالية، الانتقائية، وسهولة الاستخدام، ويمكن لهذا الكريستال الذكي أن يسهم مستقبلا في تطوير أجهزة مراقبة بيئية منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة، لحماية الإنسان والكوكب من أخطار الملوثات الخفية.

المصدر:   Sciencealert