جل طبي جديد يقضي على التهابات الأذن بجرعة واحدة خلال 24 ساعة فقط

تمكن باحثون من تطوير جل طبي مبتكر نجح في القضاء الكامل على التهابات الأذن الوسطى لدى حيوانات التجارب (الشنشيلة) بعد جرعة واحدة فقط، مما يمهد الطريق نحو علاج فعال وآمن للأطفال الرضع والصغار الذين يعانون من هذه الحالة المزعجة والشائعة.
- ثورة في علاج التهابات الأذن عند الأطفال
تُعد التهابات الأذن الوسطى من أكثر الأمراض شيوعا وإزعاجا بين الأطفال الرضع وصغار السن، حيث غالبا ما تُعالج باستخدام مضادات حيوية فموية تُؤخذ على مدى أسبوع كاملا، إلا أن هذه الأدوية قد تُسبب آثارا جانبية مزعجة مثل اضطرابات المعدة والتهابات فطرية، والأسوأ من ذلك، أن انقطاع العلاج أو عدم الالتزام الكامل بالجرعات قد يؤدي إلى عودة العدوى أو ظهور مقاومة للمضادات الحيوية.
لكن العلماء باتوا قريبين من تغيير هذا الواقع عبر تطوير جل طبي قادر على اختراق طبلة الأذن لتوصيل العلاج مباشرة إلى موقع العدوى، ما يساهم في تسريع الشفاء وتفادي الأعراض الجانبية المرتبطة بالأدوية الفموية.
- تحديات اختراق طبلة الأذن والعلاج الموجه
تكمن إحدى أكبر العقبات في علاج التهاب الأذن الوسطى في أن العدوى تقع خلف طبلة الأذن، ما يُعيق وصول معظم الأدوية إلى موضع الالتهاب، ولمعالجة هذه المشكلة، استخدم الباحثون ما يُعرف بالـ"ليبوزومات" — وهي فقاعات دقيقة تحمل الدواء — لمساعدته على عبور الطبلة.
وقد كانت المفاجأة أن الليبوزومات ذات الشحنة السالبة، وليس الموجبة كما كان متوقعا هي الأكثر فعالية، فقد ساعدت الخلايا المناعية المستجيبة للعدوى في سحب هذه الجزيئات إلى داخل الأذن الوسطى، ما أدى إلى وصول العلاج بشكل أسرع وأكثر تركيزا إلى منطقة الالتهاب.
- تجربة ناجحة على الشنشيلة: خطوة نحو العلاج البشري
قام فريق الباحثين، بقيادة العالمة "رونغ يانغ"، بتغليف المضاد الحيوي "سيبروفلوكساسين" داخل ليبوزومات سالبة الشحنة، ثم خلطوه بهلام حساس للحرارة لتكوين مرهم علاجي. وقد اختاروا تجربة العلاج على حيوانات الشنشيلة بسبب التشابه الكبير بين آذانها وآذان البشر من حيث الاستجابة للعدوى والعلاج.
تم تطبيق ثلاث تركيبات مختلفة على آذان الحيوانات:
1. سيبروفلوكساسين داخل ليبوزومات سالبة الشحنة مدموجة بالهلام
2. سيبروفلوكساسين داخل ليبوزومات موجبة الشحنة مدموجة بالهلام
3. سيبروفلوكساسين مدموج مباشرة بالهلام دون تغليف
بعد تطبيق الجل وتركه ليتصلب داخل الأذن، بدأت المادة الفعالة في العبور إلى الأذن الوسطى.
- شفاء تام خلال 24 ساعة دون أي مضاعفات
النتائج كانت مذهلة: جميع الحيوانات التي تلقت الجل المحتوي على المضاد الحيوي المغلف بليبوزومات سالبة الشحنة تعافت تماما من العدوى خلال 24 ساعة فقط، دون أي علامات على التهاب طبلة الأذن أو عودة العدوى خلال سبعة أيام.
أما الحيوانات التي تلقت التركيبات الأخرى، فكانت معدلات الشفاء أقل بكثير:
فقط 50% من تلك التي تلقت الليبوزومات الموجبة الشحنة شفيت من العدوى
25% فقط من التي تلقت الجل بدون تغليف الدواء أظهرت تحسنا
وفي كلتا الحالتين، بقي الالتهاب في الأذن مشابهاً لحالات لم تُعالج إطلاقا.
- أمل جديد للآباء وثورة في مجال المضادات الحيوية
يرى الباحثون أن هذا الابتكار قد يُشكل نقلة نوعية في علاج التهابات الأذن عند الأطفال، لأنه يعزز من التزام المرضى بالعلاج، ويقلل الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية الفموية، ما يُساهم بدوره في تقليل ظاهرة المقاومة للمضادات الحيوية.
وتختم الباحثة "يانغ" بقولها: "أنا متحمسة جدا للمرحلة القادمة من تحويل هذا الابتكار من المختبر إلى الاستخدام السريري، لأنه يفتح أفقًا جديدًا لتحسين التزام المرضى بالعلاج، والحد من مقاومة المضادات الحيوية، ويُحدث ثورة في الطريقة التي يتلقى بها الأطفال الرعاية الطبية."

المصدر:   Sciencealert