logo yajnoub    

من لعنة الفراعنة إلى علاج واعد للسرطان: اكتشاف مذهل في فطر قاتل قد يغير مستقبل الطب

2025/06/24 - 06:13:47am    باسم عمور    

لطالما أثارت "لعنة الفراعنة" الجدل والرعب بسبب الوفيات الغامضة التي أعقبت فتح بعض المقابر الفرعونية، لكن يبدو أن ما كان يُعتبر يوما مصدر رعب قد يصبح الآن أداة لإنقاذ الأرواح، فقد تمكن فريق علمي من جامعة بنسلفانيا من تحويل فطر قاتل، كان يُشتبه في ارتباطه بتلك الوفيات، إلى مصدر لمركب قوي قد يشكّل خطوة مهمة في علاج مرض السرطان.
- فطر "Aspergillus flavus": من لعنة قديمة إلى علاج حديث
يُعرف فطر Aspergillus flavus بكونه كائنا مجهريا ساما ارتبط منذ عشرينيات القرن الماضي بأسطورة "لعنة الفراعنة"، حيث تم رصده في مقبرة الملك توت عنخ آمون التي افتتحت عام 1922، والتي أعقبها عدد من حالات الوفاة الغامضة، كما شهدت بولندا حالات وفاة مشابهة بين علماء آثار دخلوا مقبرة الملك كازيمير الرابع في السبعينيات، وتبين لاحقًا أن هذا الفطر السام كان موجودًا في الموقع.
ورغم سمعته القاتلة، شكّل هذا الفطر محورا لاكتشاف علمي فريد من نوعه، حيث نجح العلماء في عزله واستخلاص مركب نادر منه أطلقوا عليه اسم "أسبيريجيميسين" (Aspergillmycin)، ضمن مجموعة من الجزيئات تُعرف باسم RiPPs، وهي ببتيدات يتم إنتاجها داخل الخلية وتُعدّل لتعزيز خصائصها الحيوية.
- "أسبيريجيميسين": جزيء قاتل للسرطان بدقة مذهلة
عند اختبار مركب "أسبيريجيميسين" ومشتقاته الأربعة على خلايا سرطان الدم، أظهر اثنان منها قدرة واضحة على قتل الخلايا السرطانية، وعندما أُجري تعديل بسيط بإضافة جزيء دهني للمركب، ارتفعت فعاليته لتصبح مماثلة لأدوية السرطان المعروفة مثل "سيتارابين" (Cytarabine) و"داونوروبيسين" (Daunorubicin).
وقد توصل الفريق البحثي إلى أن جينا يُدعى SLC46A3 يعمل كبوابة تسهّل دخول المركب إلى الخلايا المصابة، حيث يعطّل "أسبيريجيميسين" عملية الانقسام الخلوي من خلال تدمير الأنابيب الدقيقة المسؤولة عن الانقسام، المثير في الأمر أن تأثير المركب كان انتقائيًا، أي أنه لم يُظهر نفس الفعالية في أنواع أخرى من السرطان، وهو ما يعد ميزة كبيرة في تصميم أدوية ذات آثار جانبية أقل واستهداف أدق.
- تعليقات الباحثين: الطبيعة لا تزال تخبئ كنوزها
قالت البروفيسورة شيري غاو، قائدة الدراسة:و"لقد وهبتنا الطبيعة صيدلية مذهلة، ومهمتنا هي كشف أسرارها، وما اكتشفناه اليوم قد لا يكون سوى بداية الطريق".
يُذكر أن الفطريات لطالما كانت مصدرا غنيا للأدوية، كما هو الحال مع البنسلين الذي أحدث ثورة طبية في القرن العشرين. ويبدو أن Aspergillus flavus، رغم سمعته المرعبة، قد يلعب دورا مماثلا في مكافحة السرطان.
- الخطوة التالية: من المختبر إلى التجارب السريرية
بعد هذا الاكتشاف المذهل، يخطط الباحثون لاختبار "أسبيريجيميسين" على نماذج حيوانية قبل الانتقال إلى التجارب السريرية على البشر. وإذا أثبت المركب فعاليته وسلامته، فقد نكون على أعتاب تطوير علاج نوعي جديد لسرطان الدم، ما يفتح الباب أمام آفاق واعدة في مجال الطب السرطاني الدقيق.


المصدر:   المجلة العلمية Nature Chemical Biology

 

 من لعنة الفراعنة إلى علاج واعد للسرطان: اكتشاف مذهل في فطر قاتل قد يغير مستقبل الطب

أخبار ذات صلة

 

تابعونا