مشروع عالمي لإنشاء الجينوم البشري صناعياً يثير جدلاً أخلاقياً واسعاً
انطلقت مؤخراً مبادرة عالمية تهدف إلى تركيب الجينوم البشري صناعياً، في مشروع طموح يحمل في طياته إمكانيات ثورية لفهم وعلاج الأمراض الوراثية، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات أخلاقية عميقة حول حدود التدخل في الطبيعة البشرية.
- تمويل المشروع
حصل المشروع على دعم مالي أولي من المؤسسة الخيرية الطبية الشهيرة "ويلكوم ترست"، بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 12.7 مليون دولار أمريكي. ويديره فريق بحثي بقيادة البروفيسور جايسون تشين من معهد إليسون للتكنولوجيا وجامعة أكسفورد، بالتعاون مع باحثين من عدة جامعات بريطانية مرموقة.
- بناء كروموسوم بشري صناعي
يطمح الفريق العلمي خلال السنوات العشر القادمة إلى تحقيق إنجاز فريد يتمثل في تصنيع كروموسوم بشري كامل بشكل صناعي، ويركز العلماء في المرحلة الأولى على تركيب أجزاء كبيرة من الحمض النووي البشري، تمهيداً لإنشاء كروموسوم صناعي يحتوي على الجينات المسؤولة عن النمو وإصلاح الخلايا.
- من قراءة الشفرة الوراثية إلى صناعتها
يمثل هذا المشروع قفزة نوعية في مجال البيولوجيا التركيبية، حيث يتجاوز العلماء حدود "قراءة" الشفرة الوراثية إلى إمكانية "كتابة" أجزاء منها، ومن خلال دراسة هذه الكروموسومات الصناعية، يأمل العلماء في كشف كيفية تنظيم الجينات للوظائف الحيوية داخل الجسم البشري.
- مخاوف أخلاقية وتحذيرات من استغلال التكنولوجيا
على الرغم من الضمانات التي قدمها القائمون على المشروع بأن التجارب ستقتصر على أنابيب الاختبار، دون محاولات لخلق كائنات حية، إلا أن هذا التقدم العلمي أثار مخاوف جدية، يعبر خبراء مثل البروفيسور بيل إيرنشو من جامعة إدنبرة عن خشيتهم من استخدام هذه التقنية في المستقبل لإنشاء "بشر محسنين وراثياً" أو تطوير أسلحة بيولوجية.
- وفي تعبيره عن هذه المخاوف، قال إيرنشو: "لقد خرج الجني من القمقم"، في إشارة إلى صعوبة السيطرة على التطبيقات المستقبلية لهذه التقنية.
- حوار مجتمعي لوضع ضوابط أخلاقية
يدعم المشروع برنامجاً للدراسات الاجتماعية بقيادة البروفيسور جوي تشانغ من جامعة كنت، يهدف إلى جمع آراء الخبراء والجمهور حول الجوانب الأخلاقية والاجتماعية لهذا التقدم العلمي. ويأمل الفريق في إيجاد ضوابط واضحة تضمن استخدام التكنولوجيا لخدمة الإنسانية دون تجاوز الحدود الأخلاقية المقبولة.
- آفاق واعدة لتكنولوجيا حيوية طبية متقدمة
يؤكد البروفيسور جايسون تشين أن القدرة على تركيب الجينومات البشرية تشكل نقلة نوعية في فهم بيولوجيا الجينوم، وقد تؤدي إلى ثورة في مجالات التكنولوجيا الحيوية والطب الحديث.
في حين يشير البروفيسور دان، أحد أعضاء الفريق، إلى أن المشروع سيمكن العلماء من الإجابة عن أسئلة جديدة جوهرية تتعلق بالصحة والمرض، لم يكن بالإمكان طرحها قبل ظهور هذه التقنية.
يمثل مشروع تركيب الجينوم البشري صناعياً محطة تاريخية في البيولوجيا التركيبية، حيث تتاح للبشرية لأول مرة إمكانية "كتابة" الشفرة الوراثية، ومع هذا الإنجاز العلمي الكبير تبرز تحديات أخلاقية وجودية حول كيفية إدارة هذه التكنولوجيا والتحكم في مستقبلها، الذي قد يغير ملامح البشرية بأكملها.
المصدر: صحيفة الإندبندنت
