logo yajnoub    

نموذج خماسي الأبعاد يكشف أسرار الانشطار النووي الغريب لزئبق متوسط الكتلة

2025/06/29 - 06:07:02am    باسم عمور   

تمكّن فريق بحثي دولي من تطوير نموذج ديناميكي خماسي الأبعاد لمحاكاة الانشطار النووي غير المتماثل لنظائر الزئبق متوسطة الكتلة، مثل 180Hg و190Hg، النموذج الجديد أعاد إنتاج أنماط الكتل المزدوجة المحدّبة (Double-humped) والطاقة الحركية الكلية (TKE) بدقة كبيرة، كاشفاً أن تأثيرات القشرة النووية تبقى فعالة حتى عند مستويات طاقة إثارة غير متوقعة تصل إلى 50 ميغا إلكترون فولت.
- فهم جديد لانشطار النظائر الأخف
يُعتبر الانشطار النووي، وهو عملية انقسام نواة الذرة إلى أجزاء أصغر، من الظواهر الجوهرية في الفيزياء النووية. وبينما جرى التركيز لسنوات على العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم، أظهرت الدراسات أن نظائر الزئبق الأخف تتصرف بطريقة غير تقليدية، يصعب تفسيرها بالنماذج النظرية الكلاسيكية.
نظير الزئبق 180Hg، على سبيل المثال، أظهر سلوكا غير متماثل في الانشطار، حيث ينقسم إلى شظايا ذات كتل مختلفة تمامًا، مما دفع العلماء لإعادة النظر في تأثير البنية النووية على سلوك الانشطار في العناصر ذات العدد الذري أقل من 82.
- التعاون الدولي وولادة النموذج الخماسي الأبعاد
قاد هذا المشروع الطموح البروفيسورة تشيكاكو إيشيزوكا من معهد طاقة الكربون الصفري في معهد طوكيو للعلوم (Science Tokyo)، بالتعاون مع علماء بارزين من أوكرانيا وفرنسا واليابان. وقد نُشرت نتائج البحث في مجلة Physical Review C بتاريخ 20 مايو 2025، وتم اختيارها كمقالة مميزة من قِبل هيئة التحرير.
شارك في البحث كل من الدكتور ف. أ. إيفانيوك من معهد البحوث النووية في أوكرانيا، والبروفيسور ك. شميت من جامعة ستراسبورغ في فرنسا، والباحث ساتوشي تشيبا من شركة NAT Co., Ltd في اليابان.
- النموذج الديناميكي: رصد تطور الشكل النووي لحظة بلحظة
على عكس النماذج الثابتة، يتتبع نموذج لانجافين خماسي الأبعاد الشكل المتغيّر للنواة النووية ديناميكياً منذ حالة التوازن وحتى لحظة الانقسام. يقول إيشيزوكا:
"لا يكفي توصيف انشطار الأكتينيدات مثل اليورانيوم لفهم الصورة الكاملة؛ نحن بحاجة إلى نماذج دقيقة تنطبق أيضا على نوى أخف مثل الزئبق التي تُظهر سلوكا مختلفا تماما."
- نتائج دقيقة تحاكي الواقع التجريبي
تمكن الباحثون من محاكاة انشطار نظيرين من الزئبق:
180Hg الناتج عن تصادم 36Ar مع 144Sm
190Hg الناتج عن تصادم 36Ar مع 154Sm
أظهرت المحاكاة تطابقا ممتازا مع البيانات التجريبية، خصوصًا في توزيع كتل الشظايا والانماط المزدوجة التي كانت موضع غموض. كما قام النموذج بحساب الطاقة الحركية الكلية لتلك الشظايا بدقة لافتة.
- الجدران المرنة وتطور تأثيرات القشرة
ابتكار النموذج تضمن ما يُعرف بـ"الجدران المرنة" في فضاء التشوّه النووي، وهي آلية تحاكي بدقة كيفية تغيّر شكل النواة خلال مراحل الانشطار. كما أخذ النموذج بعين الاعتبار التغير الديناميكي في تأثيرات القشرة مع زيادة طاقة الإثارة، وهي خاصية غالبًا ما أهملتها النماذج السابقة.
- انشطار متعدد المراحل وتأثيره على الطاقة
أحد أبرز استنتاجات الدراسة هو أن تأثيرات القشرة النووية تستمر في التأثير حتى عند طاقات إثارة مرتفعة تراوحت بين 40 و50 ميغا إلكترون فولت، وهو ما يتحدى الاعتقاد السائد بأن هذه التأثيرات تتلاشى عند تلك المستويات.
علاوة على ذلك، تناول النموذج ما يُعرف بـ"الانشطار متعدد المراحل" (Multichance Fission)، وهي عملية ينبعث فيها نيوترون أو أكثر قبل حدوث الانشطار الفعلي. وبينما كان تأثيرها محدودا على توزيع الكتلة في الطاقات المنخفضة، إلا أن تأثيرها كان ملحوظا في الطاقة الحركية الكلية، ما يجعلها مؤشرا حاسما لدراسة هذه الظاهرة.
تؤكد إيشيزوكا: "النتائج التي توصلنا إليها تُثبت أن نهج لانجافين خماسي الأبعاد يمثل أداة موثوقة في التنبؤ النظري لمتغيرات الانشطار النووي."
بفضل هذه الدراسة، أصبح لدينا الآن إطار أقوى وأكثر دقة لدراسة الانشطار في عناصر نووية لم تكن تُفهم بشكل جيد من قبل، مما يفتح آفاقا جديدة أمام الفيزياء النووية النظرية والتطبيقية.


المصدر:   Physicists Unravel

 

 نموذج خماسي الأبعاد يكشف أسرار الانشطار النووي الغريب لزئبق متوسط الكتلة

أخبار ذات صلة

 

تابعونا