logo yajnoub    

جزيرة القيامة تفكّ لغزاً حضارياً وتعيد كتابة التاريخ

2025/07/09 - 05:05:56am    باسم عمور    

ظلت جزيرة الفصح، المعروفة أيضا باسم جزيرة القيامة (Rapa Nui)، لغزا حيّر العلماء لعدة قرون، بفضل تماثيلها الحجرية الصامتة "المواي" التي تقف شامخة وسط المحيط الهادئ، لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة Antiquity العلمية، كشفت معلومات جديدة تعيد النظر في الفرضية التقليدية التي لطالما صوّرت هذه الحضارة على أنها تطورت ثم انهارت في عزلة تامة عن العالم الخارجي.
موجة ثقافية انعكاسية: من جزيرة القيامة إلى الجزر الأخرى
من خلال تحليل دقيق شمل 160 موقعا طقسيا موزعة عبر بولينيزيا، وباستخدام تقنيات التأريخ بالكربون المشع، استطاع فريق من الباحثين إعادة بناء خريطة التفاعل الثقافي عبر المحيط الهادئ، وتشير النتائج إلى أن هناك موجة ثانية من التبادل الثقافي انطلقت من جزيرة القيامة ذاتها بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر، مما يناقض الاعتقاد بأن الحضارات كانت تستقبل التأثيرات فقط من الغرب.
تماثيل "آهو" بداية المعمار الطقسي في الجزيرة
المنصات الحجرية المعروفة بـ"آهو" (ahu)، والتي اعتُمدت كأساسات لتماثيل "المواي"، ظهرت في جزيرة القيامة قبل قرن كامل من انتشارها في جزر هاواي وتاهيتي، هذه المنصات، التي بدأت بوصفها مذابح طقسية مجتمعية، تطورت لاحقا إلى عناصر معمارية ضخمة تعكس رموز القوة والنفوذ، وتُعدّ هذه الظاهرة دليلاً على أن الجزيرة لم تكن متلقية للثقافات فحسب، بل كانت مُصدّرة ومؤثرة في المشهد الحضاري الإقليمي.
تصدير القوة الرمزية: موجة ثالثة من الإنشاءات الضخمة
تشير الدراسة إلى نشوء موجة ثالثة من المعمار الطقسي تمثلت في بناء تماثيل ضخمة تهدف إلى عرض القوة، مما يعكس تحوّل الجزيرة إلى مركز ثقافي حضاري له تأثير يتجاوز حدودها، وبدأ هذا النمط المعماري يظهر بأشكال مختلفة في جزر أخرى، مما يدل على وجود نوع من "الحوار الرمزي" الحضاري، سواء من خلال الرحلات أو التبادل الثقافي عبر البحر.
أدلة جينية تثبت التبادل مع أمريكا الجنوبية
ولم تقف النتائج عند حد المعمار أو التماثيل، بل إن التحليل الجيني للسكان كشف وجود مؤشرات على تواصل بين سكان الجزيرة وسكان أمريكا الجنوبية، هذا الاكتشاف الجيني يعزز من فرضية أن سكان الجزيرة كانوا بحارة بارعين تمكنوا من اجتياز آلاف الكيلومترات عبر المحيط. كما أن تزامن الظواهر الثقافية عبر مناطق مختلفة يُشير إلى أن الحضارة على الجزيرة لم تكن معزولة، بل كانت منخرطة في شبكة تفاعل ثقافي متقطع.
أسئلة جديدة حول الانهيار الغامض لحضارة "المواي"
في ضوء هذه الاكتشافات، تبرز أسئلة جديدة: إذا كانت جزيرة القيامة على اتصال بالعالم الخارجي، فلماذا توقفت هذه الاتصالات؟ هل يعود انهيار حضارة "المواي" إلى عوامل بيئية داخلية؟ أم أن التغيرات في الشبكات الإقليمية للتواصل والانفتاح هي التي ساهمت في الانحدار المفاجئ؟.
تدعو هذه النتائج إلى إعادة التفكير في الكثير من النظريات السابقة، ليس فقط حول جزيرة القيامة، بل حول طبيعة التفاعل الثقافي في المحيط الهادئ بأكمله.


المصدر:   موقع IFLScience

 

 جزيرة القيامة تفكّ لغزاً حضارياً وتعيد كتابة التاريخ

أخبار ذات صلة

 

تابعونا