سأمنح صوتي لحزب الله | بيار ابي صعب
قد لا تبدو الأمور دائماً بهذه البساطة: فأنا علماني، يساري، أعطي صوتي لحزب الله. ولأنني كذلك، فأنا لا أقترع على أساس عصبيّة طائفيّة وعشائريّة. بل على أساس خيار وطني، وقناعة سياسيّة. وتشاء مصادفات «التركيبات» الانتخابيّة أن القضاء الذي أقترع فيه (جبيل) يخوض فيه مرشّح حزب الله الشيخ حسين زعيتر معركة صعبة. ويحتاج دعم الوطنيين لدخول الندوة البرلمانيّة. أنا مواطن عربي يساري، أقترع ضد الوهابيّة وضد التكفير، وضد الاستكبار الأميركي، وضد لصوص «الوطنيّة» والليبراليين الكذبة، و«عروبيي» آخر زمن، والعملاء المعلنين أو المقنّعين. أقترع ضد «علمانيي» الغرب الاستعماري، و«ثوار» الانحطاط الإسلاموي، وكل الطائفيين الذين يعطوننا دروساً في الوطنيّة. ضد شهود الزور على المذبحة، ضد الذين يطالبون أن يفتح باب «الحج» (الديني؟) إلى «إسرائيل». أقترع دفاعاً عن «سلاح المقاومة» الذي يحمي الكرامة العربيّة. سأمنح صوتي التفضيلي لمرشّح «شيعي» في جبيل، ضد كل الفدراليين والكونفدراليين ودعاة التقسيم، فأبطال المقاومة، رفعوا رأس كل لبناني، وكل عربي، واستشهدوا من أجل كل شبر في لبنان، ومن أجل فلسطين والعرب أجمعين. وأخيراً، حين أصوّت لحزب الله، أقترع ضد العدو الأعظم والشر المطلق الذي هو إسرائيل.
أعرف أن المجاهرة بحب حزب الله ليس «على الموضة»، بل يجعلك «داعماً للإرهاب» في نظر الديمقراطيات الاستعمارية. كما كان جان مولان «إرهابياً» في نظر الاحتلال النازي الفرنسا. كما كانت جميلة بوحيرد «إرهابيّة» في نظر الاحتلال الفرنسي للجزائر. أنا مدين للمقاومة بالكثير، وتلك هي المناسبة كي أردّ للمجاهدين بعضاً من فضلهم، مع أنّهم لم يمنّنوا أحداً، ولم يطالبوا أحداً بشيء! على طريقة «ناشطي» هذا الزمان الافتراضي، #حزب_الله_يمثّلني، رغم كل التناقضات الظاهريّة. هذا لا يعني أنني، كصحافي وكمواطن، لن أكون متطلّباً من هذا الحزب مستقبلاً، و لن أكون نقديّاً حين تدعو الحاجة، في قضايا اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة عدّة. فالنضال مستمرّ، من أجل العدالة الاجتماعيّة والديمقراطيّة واللاطائفيّة ودولة المواطن. وبكلّ حب، سأواكب نموّ هذا الجسد الحيّ، وتحوّله التدريجي كي يحتضن كل لبنان. وسأصفّق للنائب نواف الموسوي كلّما «لولح» بالكوفيّة، وهو واقف في قلب الحشود الشعبيّة التي لا تمثّل بالضرورة «بيئته الأولى».
منذ الساعات الأولى صباح الأحد، سأتوجّه إلى القرية الصغيرة التي أنحدر منها في «بلاد جبيل». إنّها فرصتي كي أعطي لهذه الانتخابات معنىً ديمقراطيّاً، لا مافيويّاً ولا عشائريّاً ولا ارتزاقيّاً ولا زبائنيّاً ولا طائفيّاً. أمثاليّ أنا؟ ومنذ متى كانت المثاليّة تهمة؟ أليس الحالمون بدولة حديثة عادلة لكل أبنائها، وبنظام ديمقراطي لاطائفي، مثاليين أيضاً؟ لنلتقِ إذاً، نحن المثاليين، حول صندوقة الاقتراع. فهنا نعيش مثُلَنا وقناعاتِنا. هنا نحمي المقاومة ونبني المستقبل. إذا كانت معركة تغيير النظام الطائفي لم تحن بعد، فإن معركة حماية المقاومة راهنة وملحّة أكثر من أي وقت مضى.
جريدة الاخبار
المصدر: