ثورة طبية في علاج سرطان العين العدواني باستخدام تقنية "كريسبر"
أعلن باحثون من معهد "ويلكوم سانجر" في المملكة المتحدة عن اكتشاف هدف علاجي جديد قد يُحدث تحوّلًا جذريا في علاج الورم الميلانيني العنبي النقيلي، وهو نوع نادر وعدواني من سرطانات العين يصعب علاجه تقليديا.
وتُعد هذه النتائج التي نُشرت مؤخرا في مجلة Nature Genetics بمثابة أمل جديد لمرضى هذا النوع من السرطان، وتمثل خطوة مهمة في مجال الطب الدقيق والعلاج الجيني الحديث.
- استخدام تقنية كريسبر للكشف عن تفاعلات جينية قاتلة
اعتمد الفريق البحثي على تقنية CRISPR-Cas9، وهي أداة متقدمة لتحرير الجينات، لفحص 10 سلالات بشرية من خلايا الورم الميلانيني العنبي، ومن خلال تعطيل الجينات فرديا ومزدوجا، تمكن العلماء من تحديد "أزواج قاتلة" — وهي تركيبات جينية يؤدي إيقافها معًا إلى تدمير الخلايا السرطانية.
وأثمرت التجارب عن نتائج مذهلة، حيث تم تحديد 76 جينا رئيسيا لنمو السرطان، إلى جانب 105 أزواج جينية قاتلة. لكن الاكتشاف الأهم تمثل في العلاقة بين الجينين CDS1 وCDS2: إذ إن انخفاض التعبير عن CDS1 يجعل الخلايا السرطانية تعتمد بالكامل على CDS2، ما يوفر "نقطة ضعف جينية" يمكن استهدافها بدقة دون الإضرار بالخلايا السليمة.
- ما أهمية CDS1 وCDS2 في هذا النوع من السرطان؟
يلعب الجينان CDS1 وCDS2 دورا محوريا في تصنيع الفوسفوإينوزيتيدات، وهي جزيئات تنظم العديد من العمليات الحيوية داخل الخلية، مثل النمو والبقاء. ومن خلال استهداف CDS2 في الخلايا التي تُظهر انخفاضا في التعبير عن CDS1، يمكن للعلماء تدمير الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا الطبيعية.
- سرطان نادر وخيارات علاج محدودة
يُعد الورم الميلانيني العنبي من السرطانات النادرة لكنه شديد العدوانية. وغالبا ما تقتصر خيارات العلاج على الجراحة لاستئصال العين أو استخدام العلاج الإشعاعي، ومع ذلك، يُصاب نحو 50% من المرضى بنقائل في الكبد خلال سنتين إلى ثلاث سنوات من التشخيص، ما يعقد فرص العلاج والبقاء.
لذا فإن اكتشاف هدف علاجي دقيق مثل CDS2 يمثل إنجازا كبيرا، خاصة في ظل عدم وجود خيارات فعالة للمرضى المصابين بأورام متقدمة.
- آفاق جديدة لعلاج أنواع أخرى من السرطان
أظهرت الدراسة أيضا أدلة على انخفاض التعبير عن CDS1 في أنواع مختلفة من السرطانات، ما يعزز احتمالية تطبيق هذا النهج العلاجي الموجه على طيف أوسع من الأورام الخبيثة، ويعزز ذلك الآمال بإمكانية تطوير علاجات جديدة تعتمد على نفس المبدأ الجيني.
- تصريحات الباحثين بارقة أمل حقيقية
أكدت الدكتورة جيني بوي ينغ تشان، الباحثة الرئيسية في الدراسة، أن "هذا الاكتشاف يفتح باب الأمل لمرضى يعانون من سرطان نادر وعدواني، والذين غالبا ما تُحاصرهم محدودية الخيارات العلاجية المتاحة."
من جانبها، صرحت الدكتورة آنا كينسيلا من معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة بأن "فهم البنية الجزيئية لهذه الأورام يمثل نقطة تحول، ليس فقط في علاج الورم الميلانيني العنبي، بل في تطوير علاجات لأورام أخرى تشترك في نفس الخصائص البيولوجية."
وأضاف الدكتور ديفيد آدامز، قائد فريق البحث، أن "العلاقة بين CDS1 وCDS2 لم تكن معروفة من قبل، وهذا التقدم قد يُمهد الطريق لعصر جديد من العلاجات الموجهة التي تضرب السرطان في نقاط ضعفه الجينية الدقيقة."
المصدر: ميديكال إكسبريس
