الصفائح التكتونية تحتفظ بذاكرة تؤثر على حركتها داخل الأرض
في دراسة جيولوجية رائدة أجراها باحثون من "مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات" بالتعاون مع جامعة ساوثهامبتون، تم الكشف عن أن الصفائح التكتونية التي تغوص في أعماق الأرض تحمل تركيبات صخرية قديمة تؤثر في سلوكها الحالي، ما يعيد تشكيل مفاهيم العلماء حول ديناميكيات باطن الأرض.
- ما هي منطقة التحول في عباءة الأرض؟
توجد منطقة يُطلق عليها "منطقة الانتقال في العباءة الأرضية" (Mantle Transition Zone - MTZ) على عمق يتراوح بين 410 و660 كيلومتراً تحت سطح الأرض، وتعد هذه المنطقة حاجزاً مهماً يتحكم في حركة المواد إلى أعماق الكوكب، وعندما تنزلق الصفائح التكتونية تحت بعضها فيما يعرف بعملية "الانغراز"، تمر بهذه المنطقة، لكن وجود تركيزات عالية من صخور البازلت يمكن أن يبطئ حركتها أو يوقفها تماماً.
ورغم أنه تم رصد هذه التجمعات البازلتية سابقاً، فإن أصلها ظل مجهولاً حتى هذا الاكتشاف الأخير.
- خزان بازلتي ضخم يكشف عن "ذاكرة" الصفائح التكتونية
أظهرت الدراسة، المنشورة في مجلة Nature، وجود منطقة انتقالية سميكة بشكل استثنائي تحت جزر الأنتيل الصغرى في البحر الكاريبي، تصل سماكتها إلى 330 كيلومتراً، ما يجعلها من أسمك المناطق الانتقالية المكتشفة على الإطلاق، ويفسر العلماء هذه الظاهرة بوجود كتلة صخرية بازلتية هائلة ضمن الصفائح الغاطسة، بسمك يصل إلى 100 كيلومتر.
يشير هذا إلى أن الصفائح المحيطية تحمل معها تركيبتها الصخرية القديمة أثناء غوصها، مما يخلق ما يشبه "ذاكرة" تؤثر على كيفية تفاعلها مع العباءة السفلية.
- مشروع VoiLA وأول تجربة زلزالية تحت قاع المحيط الأطلسي
هذا البحث جزء من مشروع VoiLA (الغازات المتطايرة في الأنتيل الصغرى)، الذي تم فيه نشر 34 جهاز قياس زلزالي في قاع المحيط تحت جزر الأنتيل. وقالت الدكتورة كاثرين رايشرت، الباحثة في المشروع:
"لقد صدمنا باكتشاف منطقة انتقالية بهذه السماكة تحت الكاريبي. لطالما اشتهرت هذه المنطقة بشواطئها وأشعة الشمس، لكنها الآن باتت نقطة محورية في فهم الصفائح التكتونية."
- تأثير "ذاكرة الصفائح" على الحمل الحراري في الأرض
علّق الدكتور نيك هارمون على الاكتشاف قائلاً:
"من المدهش التفكير بأن الصفائح التكتونية تمتلك نوعاً من الذاكرة، حيث تؤثر تركيبتها الأصلية على كيفية مزج المواد في باطن الأرض ودفع تيارات الحمل الحراري."
كما أشار المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور شوسونغ يانغ من جامعة ميامي:
"لا يمكننا تجاهل التنوع التركيبي الموروث في الصفائح الغاطسة. فقد يؤثر بشدة على مصيرها النهائي في أعماق الأرض."
- تأثير طويل الأمد على فهمنا لكوكب الأرض
تسهم هذه النتائج في فهم دورة المواد بين سطح الأرض وداخلها، بما في ذلك إعادة تدوير العناصر المتطايرة مثل الكربون والماء، ما يلعب دوراً محورياً في استقرار المناخ وتوازن الغلاف الجوي والحفاظ على قابلية الحياة على الكوكب لمليارات السنين.
المصدر: SciTechDaily.com
