logo yajnoub    

تشرنوبيل الصامتة: الأرض تنتفخ تحت بحر آرال الجاف

2025/04/19 - 07:23:30am       


أعلن فريق علمي دولي عن ظاهرة نادرة تُصنَّف ككارثة صامتة، حيث سجلت الأقمار الصناعية ارتفاعا تدريجيا في قشرة الأرض بمنطقة بحر آرال الجاف، بمعدل بلغ 7 مليمترات سنويا، ويُعد هذا الانتفاخ غير المسبوق مؤشراً واضحاً على التغيرات الجيولوجية العميقة الناتجة عن التحولات البيئية المستمرة منذ عقود.
- بحر آرال: من واحة زرقاء إلى صحراء قاحلة
يقع بحر آرال، المعروف أيضا باسم بحيرة خوارزم، على الحدود بين كازاخستان شمالا وأوزبكستان جنوبا، وكان يُعد في يوم من الأيام رابع أكبر بحيرة في العالم بمساحة تصل إلى 68 ألف كيلومتر مربع، لكن في أعقاب تحويل مجرى نهريه المغذيين في ستينيات القرن الماضي لأغراض زراعية، بدأ البحر بالجفاف التدريجي حتى انقسم إلى بحيرات صغيرة بحلول عام 1986، مخلفا واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في العصر الحديث.
- InSAR: التقنية التي كشفت انتفاخ الأرض تحت قاع البحر
اعتمد العلماء على تقنية رادارية متقدمة تُعرف باسم الرادار ذي الفتحة التركيبية التداخلية (InSAR) لرصد تشوهات القشرة الأرضية، وتمكنت هذه التقنية من اكتشاف ارتفاع واضح في مساحة تبلغ 500 كيلومتر مربع، حيث ارتفعت القشرة الأرضية بمقدار 4 سنتيمترات خلال أربع سنوات (2016-2020) فقط، وهو معدل سريع ومقلق جيولوجيا.
- لماذا تنتفخ الأرض؟ التفسير العلمي للظاهرة
أوضح البروفيسور "سايمون لامب" من جامعة فيكتوريا في نيوزيلندا أن هذا الانتفاخ ناجم عن اختفاء وزن هائل يُقدَّر بـ1.1 مليار طن من المياه، أي ما يعادل وزن 150 هرما بحجم هرم خوفو. هذا الانخفاض الحاد في الوزن أدى إلى تغيّر في الضغط الجوفي، حيث بدأ الوشاح الأرضي الساخن واللزج بالتدفق تدريجيًا لتعويض الفراغ الناتج، مما أدى إلى ارتفاع تدريجي في القشرة الأرضية.
الوجه القاتم للكارثة: "تشرنوبيل الصامتة"
رغم أن هذه الظاهرة تُعد فريدة من نوعها جيولوجيا، فإنها تمثل أيضا الفصل الأخير من مأساة بيئية وإنسانية بدأت منذ عقود. فقد فقد بحر آرال أكثر من 90% من مساحته الأصلية، وتحول من مركز حيوي للصيد والنقل والزراعة إلى صحراء مليئة بالغبار السام والعواصف الرملية.
وسبّب هذا الانهيار البيئي تداعيات كارثية على السكان المحليين، شملت تفشي الأمراض، وفقدان مصادر الدخل، والهجرة القسرية، مما جعل العلماء يطلقون عليه وصف "تشرنوبيل الصامتة"، في إشارة إلى عمق المأساة وامتداد آثارها دون انفجار أو إشعاع.
الظاهرة الجيولوجية المكتشفة في بحر آرال لا تنفصل عن تاريخ طويل من الإهمال البيئي والسياسات الخاطئة، إنها تذكرة قوية بأن الطبيعة لا تسكت طويلاً، وأن آثار الكوارث البيئية قد تظهر بعد عقود، بشكل غير متوقع وربما كارثي.
نُشرت تفاصيل هذا الاكتشاف في مجلة Nature Geoscience، وأثارت جدلا واسعا بين علماء الأرض والمناخ حول مستقبل هذه المنطقة المتقلبة.


المصدر:   SciTechDaily.com

 

 تشرنوبيل الصامتة: الأرض تنتفخ تحت بحر آرال الجاف

أخبار ذات صلة