توهج أخضر صامت يزيّن سماء تشيلي ليلاً
في أعماق السماء المظلمة فوق مرصد لا سيلا في صحراء أتاكاما الشيلية، يظهر توهج أخضر خافت كأنّه سحر خفي ينساب بهدوء، هذه الظاهرة التي تُعرف بـ"التوهج الهوائي" ليست شفقاً قطبياً كما قد يُظن للوهلة الأولى، بل هي عرض سماوي مختلف تماماً، لا يُرى بالعين المجرّدة بل تلتقطه فقط الكاميرات الحساسة في أكثر المناطق عزلة وظلمة على كوكب الأرض.
- ما هو التوهج الهوائي؟
التوهج الهوائي هو ضوء خافت ينبعث طبيعياً من الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض. وعلى عكس النجوم أو الشفق القطبي، فإن هذا التوهج لا يمكن رؤيته بالعين المجردة بسبب ضعفه الشديد، لكنه يصبح مرئياً عندما تلتقطه كاميرات متخصصة في بيئات خالية تقريباً من التلوث الضوئي، مثل مرصد لا سيلا التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (ESO).
- التوهج الهوائي مقابل الشفق القطبي: اختلافات جوهرية
قد تبدو ألوان التوهج الهوائي شبيهة بالشفق القطبي، لكنهما في الحقيقة ظاهرتان مختلفتان تماماً، يحدث التوهج الهوائي عندما تقوم الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس بتنشيط الذرات والجزيئات في الطبقة العليا من الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى إصدار ضوء خافت عند عودة هذه الجسيمات إلى حالتها الطبيعية.
أما الشفق القطبي، فينتج عن تفاعل الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس مع المجال المغناطيسي للأرض، ما يؤدي إلى انبعاث أضواء شديدة اللمعان ومؤقتة غالباً، لذا فبينما يظهر الشفق القطبي كعرض ضوئي مبهر وفجائي، فإن التوهج الهوائي أشبه بموسيقى خلفية هادئة لا تنقطع.
اللون الأخضر للتوهج غالباً ما ينتج عن ذرات الأكسجين، لكن يمكن أن يظهر أيضاً بألوان أخرى مثل الأحمر أو الأصفر، تبعاً للجزيئات المتفاعلة.
- منجم تلسكوبات في مرصد لا سيلا
الصورة البانورامية الملتقطة للمرصد لا تسلط الضوء فقط على التوهج الهوائي، بل تُظهر أيضاً ثلاثة من التلسكوبات الرائدة التابعة لـ ESO. يظهر في الأسفل التلسكوب البالغ قطره 3.6 أمتار، وكأنه ينفث درب التبانة كدخان، في الزاوية العلوية اليسرى يمكن رؤية التلسكوب السويسري ليونارد أويلر بوضوح، أما تلسكوب التكنولوجيا الجديدة، فهو أصعب قليلاً في التحديد لأنه مموه في الأعلى.
- هل يمكنك زيارة هذا المكان الساحر؟
نعم، بإمكانك زيارة مرصد لا سيلا شخصياً، صحيح أنك لن ترى التوهج الهوائي بعينيك لأنه لا يظهر إلا في الظلام الدامس ولا يُرصد إلا بالكاميرات المتخصصة، كما أن الزيارات تُجرى نهاراً للحفاظ على البيئة الليلية اللازمة للبحث، لكن التلسكوبات الرائعة الموجودة هناك ستأسر أنفاسك بكل تأكيد.
المصدر: SciTechDaily.com
