logo yajnoub    

بحيرة إفريقية تتحول إلى أرشيف جيولوجي نادر

2025/05/22 - 06:47:49am    باسم عمور    

تحوّلت بحيرة تشالا، الواقعة بين تنزانيا وكينيا، من وجهة سياحية ساحرة إلى أرشيف طبيعي فريد يحمل في طياته دلائل جيولوجية ومناخية عمرها آلاف السنين، فقد أصبحت هذه البحيرة البركانية مركز اهتمام العلماء، بعد أن كشفت تحليلات حديثة عن سجل مغناطيسي ومناخي دقيق يمتد إلى ما قبل 150 ألف سنة.
- بحيرة في فوهة بركان خامد تسجل التاريخ الجيولوجي
بحيرة تشالا تقع داخل فوهة بركان خامد منذ زمن بعيد، ما يمنحها خصائص بيئية فريدة ساهمت في الحفاظ على رواسبها الرسوبية بطريقة منظمة وثابتة عبر العصور، وقد نشرت مجلة Geochemistry, Geophysics, Geosystems دراسة حديثة تشير إلى أن هذه الرواسب تحتوي على معلومات قيّمة حول تقلبات المجال المغناطيسي للأرض والتغيرات المناخية التي حدثت خلال فترة زمنية طويلة.
- البصمة المغناطيسية: الصخور تروي حكاية الأرض
يؤكد الباحثون أن الصخور الرسوبية الغنية بالمعادن المغناطيسية تحتفظ بـ"بصمة" للمجال المغناطيسي الذي كان سائدًا وقت تكوّنها، وتشكل هذه البصمات سجلا زمنيا مغناطيسيًا يمكن استخدامه لفهم تاريخ الأرض الجيولوجي. ومن خلال عينة عميقة حفرت من قاع البحيرة، استطاع العلماء استخراج معلومات غير مسبوقة حول ستة انحرافات مغناطيسية لم يُسجل مثيل لها في أي مكان آخر حول العالم.
ويُعتقد أن هذه الاضطرابات المغناطيسية الموضعية ترتبط بعمليات تحدث في النواة الداخلية للأرض، وتحديدا عند الحدود الفاصلة بين طبقاتها السائلة والصلبة، ما يفتح آفاقا جديدة لفهم التكوين الداخلي لكوكب الأرض.
- السجلات الاستوائية: كنز نادر للعلماء
تتميز هذه الدراسة بأهميتها الخاصة نظرًا لندرة السجلات المغناطيسية في المناطق الاستوائية، مقارنة بتلك المتوفرة في المناطق القريبة من الأقطاب. وتُعد بحيرة تشالا موقعا مثاليا لهذه الدراسة، بفضل استقرار نظامها المائي وعزلتها البيئية، مما سمح بتراكم طبقات الرسوبيات بصورة متسقة ومتواصلة، الأمر الذي يجعل من هذا السجل أكثر مصداقية مقارنة بمواقع أخرى.
- آثار التغير المناخي وهجرة البشر
لم تقتصر البيانات المستخرجة من بحيرة تشالا على المجال المغناطيسي فقط، بل تضمنت أيضًا دلائل على التغيرات المناخية التاريخية، والتي يُرجّح أنها أثرت في حركات الهجرة البشرية القديمة، ومن أبرز ما وُجد في إحدى طبقات الرواسب هو الرماد البركاني الناتج عن ثوران بركان توبا العملاق في إندونيسيا قبل نحو 74 ألف عام، والذي يُعد علامة زمنية مهمة تُستخدم في ربط السجلات الجيولوجية بالمصادر الأثرية والمناخية في مناطق مختلفة من العالم.
تشير هذه الاكتشافات إلى أن بحيرة تشالا ليست مجرد منظر طبيعي خلاب، بل كنز علمي مخفي يقدم رؤى عميقة في علم الجيوفيزياء والمناخ القديم، ويُسهم في فهم أوسع لكيفية تطوّر الأرض وتأثير ذلك على الإنسان، ويأمل الباحثون في أن تساعد هذه النتائج على تعزيز الدراسات المستقبلية حول النشاط المغناطيسي للأرض والتغيرات البيئية العالمية.


المصدر:   mail.ru

 

 بحيرة إفريقية تتحول إلى أرشيف جيولوجي نادر

أخبار ذات صلة