اكتشاف علمي يفسر لغز عدم استقرار الكولاجين
كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة سيمون فريزر (Simon Fraser University) عن تفسير مذهل لطبيعة الكولاجين غير المستقرة، حيث توصل العلماء إلى أن ميزة جزيئية غير متوقعة تساعد هذا البروتين الحيوي على الحفاظ على شكله تحت الضغط الفيزيولوجي، وتشير النتائج إلى أن ما يُعرف بـ"الدبابيس الكيميائية" التي تُشكلها أحماض السيستين الأمينية قد تلعب دورا محوريا في مرونة الكولاجين واستقراره، وهو اكتشاف قد يغير مفاهيمنا حول الأمراض والشيخوخة.
- تقنية حديثة تكشف سر الكولاجين: المجهر القوة الذرية
اعتمدت الباحثة آلاء الشاعر، بالتعاون مع أستاذة الفيزياء نانسي فورد، على تقنية متقدمة تُعرف باسم المجهر القوة الذرية (AFM) لرصد صور بروتين الكولاجين IV عند درجات حرارة مختلفة، هذه التقنية تتيح "تحسس" سطح الجزيئات بطريقة مشابهة لقراءة طريقة برايل أو حركة إبرة على أسطوانة موسيقية.
وقد أظهرت الصور أن الكولاجين يتمتع في حالته المستقرة ببنية حلزونية ثلاثية مؤلفة من ثلاث سلاسل ملتفة، تشبه الحبل، لكن عند تسخينه، تبدأ هذه السلاسل في الانفكاك إلى ملفات عشوائية. المدهش أن بعض هذه البروتينات استطاعت أن تعيد تشكيل نفسها عند التبريد.
- روابط السيستين: دعامة غير مرئية تحمي الكولاجين
تبين من الدراسة أن الأحماض الأمينية من نوع سيستين الموجودة في الكولاجين IV يمكنها تكوين روابط بين السلاسل الثلاثة، تعمل كـ"دبابيس" كيميائية تثبتها معا. وعند وجود هذه الدبابيس، كان الكولاجين أكثر مقاومة للحرارة وأكثر قدرة على العودة إلى شكله الأصلي بعد التبريد. أما الكولاجين الذي يفتقر لتلك الروابط، فقد تفكك بسهولة ولم يتمكن من إعادة التجميع.
وعندما بحثت الباحثة في قواعد بيانات تسلسل البروتينات، وجدت أن وجود هذه السيستينات شائع في الكولاجين IV لدى العديد من الكائنات متعددة الخلايا، حتى تلك التي تطورت منذ زمن بعيد. مما يدل على الأهمية الوظيفية الكبيرة لهذه الروابط عبر التاريخ التطوري.
- أول توثيق بصري لعملية طي الكولاجين بالـ AFM
تقول فورد: "هذه أول مرة نستخدم فيها التصوير بالـ AFM لدراسة استقرار الكولاجين عند درجات حرارة مختلفة، ورسم خريطة لعمليات الطي والانفكاك، نعتقد أن هذا النهج يحمل وعودا كبيرة للإجابة عن العديد من الأسئلة المستقبلية".
وأضافت فورد أن الدراسات السابقة كانت تعتمد غالبا على نماذج صناعية قصيرة من الببتيدات، وهو ما قد لا يعكس السلوك الحقيقي لسلاسل الكولاجين الكاملة والمعقدة، الآن، يمكن لتقنية AFM تأكيد أو تحدي تلك النتائج.
- آفاق جديدة لفهم الشيخوخة والأمراض
ترى فورد وفريقها أن هذه النتائج تفتح الباب لفهم أفضل لآليات الأمراض المرتبطة بالكولاجين، مثل هشاشة العظام، ومتلازمة إهلرز-دانلوس، والسكري، كما أعربت عن رغبتها في مواصلة البحث بمساعدة طلاب الدراسات العليا والجامعية، من خلال دراسة الكولاجين المتحوّر أو المتأثر كيميائيًا المرتبط بالشيخوخة والأمراض.
تقول فورد: "نحن متحمسون لاستكشاف كيف يمكن لهذه النتائج أن تساهم في تطوير علاجات جديدة وتحسين فهمنا للبنية الجزيئية التي تدعم أجسامنا".
المصدر: SciTechDaily
