إسمنت ذكي يولّد الكهرباء من الحرارة
تمكّن فريق من العلماء بقيادة الأستاذ الصيني "تشو يان" من تطوير مركّب إسمنتي ذكي يحتوي على الهيدروجيل، يحاكي هيكل سيقان النباتات، ويمتاز ليس فقط بالقوة والصلابة، كما في الخرسانة التقليدية، بل بقدرته على توليد الطاقة الكهربائية مباشرة من الحرارة.
- معامل "زيبك" استثنائي: كفاءة غير مسبوقة في التحويل الحراري الكهربائي
أظهر هذا المركّب المتطور معامل "زيبك" (Seebeck coefficient) مذهل بلغ -40.5 ملليفولت/كلفن، وهو ما يزيد بعشر مرات عن أداء المواد الإسمنتية الأخرى المستخدمة سابقاً، كما بلغ مؤشر الجودة (ZT) ما يقارب 6.6×10⁻²، متفوقاً بست مرات على الأرقام القياسية السابقة، مما يجعله من أكثر المواد الواعدة في هذا المجال.
- مؤتمر SynBioBeta 2025: انطلاقة لمبانٍ تزوّد نفسها بالطاقة
في مؤتمر "SynBioBeta 2025"، ناقش الباحثون كيفية استغلال هذه المواد في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن صناعة الخرسانة، والتي تعد من أكثر الصناعات تلويثاً للبيئة، وتمّ طرح فكرة استخدام هذا الإسمنت الذكي في بناء مبانٍ تعتمد على نفسها في إنتاج الكهرباء، مما يفتح آفاقاً واسعة نحو مدن أنظف وأكثر استدامة.
- الآلية الفيزيائية: كيف يحوّل الإسمنت الحرارة إلى كهرباء؟
أوضح الباحثون أن هذا الإسمنت يولّد الكهرباء من خلال الاختلاف في سرعة انتشار الأيونات الموجبة والسالبة داخل المحلول المسامي للمادة. فحين يكون أحد جانبي الجدار أكثر دفئاً من الآخر، يتم توليد تيار كهربائي يشبه ما تنتجه بطارية صغيرة.
وليس ذلك فحسب، بل تستطيع هذه المادة تخزين الحرارة أيضاً دون إهدارها، مما يضاعف من كفاءتها في الاستفادة من الطاقة.
- الهيدروجيل: السرّ وراء السرعة والكفاءة
لزيادة كفاءة توليد الكهرباء، أضاف العلماء طبقات من الهيدروجيل، وهي مادة ناعمة تشبه الجيلاتين، تُصنع من بولي فينيل الكحول (PVA). تعمل هذه الطبقات كمسارات سريعة لأيونات الهيدروكسيد (OH⁻)، بينما تتجمع أيونات الكالسيوم (Ca²⁺) على الحدود بين الإسمنت والهيدروجيل، مما يولّد فرقاً في الحركة الكهربائية، يعزز من قوة التيار الناتج.
_ تطبيقات مذهلة: جسور وأرصفة تولّد وتخزّن الطاقة
هذا المركّب الجديد لا يقتصر دوره على توليد الكهرباء فقط، بل يعمل أيضاً كبـطارية مدمجة داخل الجدران.
يتصور العلماء استخدامه في إنشاء أرصفة تُضيء المصابيح تلقائياً، أو جسور تُشغّل حساسات استشعار الشقوق دون أسلاك أو بطاريات. ويعتمد ذلك على الفرق الطبيعي في درجات الحرارة بين السطح المشمس والأماكن الباردة، مثل الأقبية.
يمثل هذا الابتكار قفزة نوعية في عالم مواد البناء، ويفتح آفاقاً لا حدود لها لمستقبل أكثر استدامة. الإسمنت الذكي لم يعد حلماً خيالياً، بل واقعاً علمياً قابلاً للتطبيق في المدن الذكية ومشاريع البنية التحتية الحديثة.
المصدر: وكالة تاس الروسية
