علماء الفلك يرصدون ولادة المجرات لأول مرة في التاريخ

رصد علماء الفلك لحظة ميلاد مجرات قديمة وهي تشهد أول انفجار نجمي لها، أي لحظة إشعالها للنور الكوني للمرة الأولى، هذا الحدث التاريخي يرصد فجر تشكّل المجرات في الكون، بما فيها مجرتنا "درب التبانة"، ويمنح العلماء نافذة نادرة لرؤية "قصة الخلق الكونية" كما لم تُرَ من قبل.
- لمحة أولى عن "الظهيرة الكونية"
قاد فريق من جامعة روتجرز دراسة غير مسبوقة للكون العميق، مركزًا على فترة تُعرف بـ"الظهيرة الكونية" (Cosmic Noon)، أي ما بين 2 إلى 3 مليارات سنة بعد الانفجار العظيم، خلال هذا العصر الذهبي لتكوّن النجوم، تمكن العلماء من اكتشاف فئة خاصة من المجرات تُعرف باسم "مُصدِرات ليمان ألفا" (Lyman Alpha Emitters – LAEs)، وهي مجرات قديمة جدا في ذروة أول انفجار نجمي لها.
وقد نشرت نتائج الدراسة في مجلة The Astrophysical Journal Letters، مؤكدة أن هذه المجرات تضيء بأقصى سطوع نتيجة التكوين الكثيف للنجوم بداخلها.
- منارات كونية في الظلام البدائي
تتميّز مجرات LAEs بأنها تُصدر ضوءا فوق بنفسجيا شديدا يُعرف بإشعاع ليمان ألفا، والذي يتمدد بفعل توسّع الكون ليصل إلينا على الأرض بطول موجي قابل للرصد. وبفضل عمرها الذي يزيد على 12 مليار سنة، تُعدّ هذه المجرات من بين أقدم ما رُصد في الكون، مما يجعلها علامات فارقة في فهمنا لأصول المجرات الحديثة.
قالت نيكول فايرستون، زميلة الأبحاث في مؤسسة العلوم الوطنية (NSF) والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لقد تم تحديد مجرات LAEs كأسلاف محتملين للمجرات الحديثة مثل مجرة درب التبانة. ومع رصد لحظة التكوين النجمي الأول فيها، نكون قد اكتشفنا الفصل الأول من قصة نشأة مجرتنا."
- هل هذه بداية أم ولادة متجددة؟
لطالما تساءل العلماء عما إذا كانت هذه المجرات تخوض أول موجة من تكوّن النجوم، أم أنها تعيد إشعال نفسها بعد فترة من السكون. الإجابة كانت حاسمة: "للمرة الأولى، استطعنا إثبات أن معظم مجرات LAEs تشهد بالفعل أول انفجار نجمي كبير في لحظة الرصد، وأن النجوم بداخلها لا تزال فتية جدًا"، تؤكد فايرستون.
- الذكاء الاصطناعي يلتقي علم الفلك
اعتمد الفريق على بيانات مشروع ODIN (اختصار لـ One-hundred-deg² DECam Imaging in Narrowbands)، الذي يستخدم كاميرا طاقة الظلام (DECam) في مرصد Cerro Tololo في تشيلي لالتقاط صور دقيقة للمجرات البعيدة. ومن خلال تقنيات التعلم الآلي، تمكن العلماء من تحليل الضوء الصادر عن هذه المجرات، ما أتاح لهم استنتاج خصائصها الفيزيائية، ورسم ما يشبه "سيرة حياة" دقيقة لكل مجرة من العينة المدروسة.
وقد طُوّرت خوارزميات هذا التحليل في جامعة روتجرز بواسطة البروفيسور إريك جاويزر والباحث كارتهيك آيير.
- 95٪ من هذه المجرات في حالة انفجار نجمي مكثّف
كشفت الدراسة أن نحو 95٪ من مجرات LAEs تخوض حاليًا ذروتها في تكوّن النجوم. هذه النتيجة تُعدّ خطوة كبيرة في فهمنا لتاريخ نشوء المجرات، بما في ذلك فهم الظروف الدقيقة التي أحاطت بمجرة درب التبانة حين بدأت في ولادة نجومها الأولى.
قال جاويزر: "هذا الاكتشاف يفتح نافذة لمعرفة شكل مجرتنا عندما بدأت باللمعان لأول مرة، لقد تمكّنا أخيرا من العودة بالزمن إلى لحظة البداية."

المصدر:   SciTechDaily.com