بحيرة تال في الفلبين: إحدى أغرب الظواهر الجيولوجية في العالم
في قلب جزيرة لوزون بالفلبين، تقبع بحيرة تال (Taal Lake)، وهي واحدة من أكثر التكوينات الجيولوجية غرابة على سطح الأرض، تُعرف هذه البحيرة بتركيبتها الفريدة التي وصفتها منظمة اليونسكو بأنها: جزيرة داخل بحيرة، داخل جزيرة، داخل بحيرة، داخل جزيرة، هذا التداخل الطبيعي المذهل لا يُعد مشهداً بصرياً نادراً فحسب، بل يحمل خلفه تاريخاً بركانياً عريقاً وتحوّلات بيئية مدهشة لا تزال تُدهش العلماء حتى يومنا هذا.
- التكوين الجيولوجي النادر: كيف نشأت بحيرة تال؟
تشكلت بحيرة تال نتيجة لانفجارات بركانية ضخمة بدأت قبل نحو 140,000 سنة، واستمرت حتى نحو 5,380 سنة قبل الميلاد، وأدت هذه الانفجارات إلى انهيار قمة بركان تال، ما أدى إلى تكوّن فوهة واسعة تُعرف باسم "كالديرا"، والتي امتلأت لاحقا بمياه البحر القادمة من خليج بالايان عبر نهر بانسيبيت.
في وسط هذه الكالديرا، نشأت جزيرة تُعرف اليوم باسم جزيرة البركان (Volcano Island). هذه الجزيرة بدورها تحتوي على بحيرة تُدعى بحيرة الفوهة الرئيسية (Main Crater Lake)، والتي تضم بدورها جزيرة صغيرة تُعرف باسم نقطة فولكان (Vulcan Point). هذه الطبقات الجغرافية المتداخلة هي ما يُكوّن التكوين الفريد الذي يُبهر العلماء والزوّار على حد سواء.
- من البحر إلى الماء العذب: التحوّل البيئي الكبير
في الأصل، كانت بحيرة تال عبارة عن بحيرة بحرية تحتوي على مياه مالحة، ولكن الانفجار البركاني العنيف الذي وقع عام 1754 غيّر المعادلة تماماً، فقد تراكمت كميات ضخمة من المواد البركانية في نهر بانسيبيت، مما أدى إلى قطع الاتصال بين البحيرة والبحر.
نتيجة لذلك، بدأت مياه الأمطار في ملء البحيرة تدريجياً، ومع مرور الوقت، تحوّلت إلى بحيرة عذبة. وبحسب جامعة الفلبين، فإن هذا التحول السريع نسبياً في المقاييس الجيولوجية أتاح فرصة فريدة لتطوّر الحياة البيولوجية داخل البحيرة.
- كائنات نادرة لا تُوجد في أي مكان آخر
أدى هذا التحوّل من بيئة مالحة إلى عذبة إلى ظهور كائنات نادرة وفريدة، فمثلاً تستوطن بحيرة تال نوع نادر من السردين يُعرف باسم ساردينيلا تاويليس (Sardinella tawilis)، وهو النوع الوحيد المعروف من السردين الذي يعيش في المياه العذبة.
كما تضم البحيرة نوعا فريدا من الأفاعي البحرية السامّة يُعرف باسم هايدروفسيس سيمبيري (Hydrophis semperi)، وهو غير موجود في أي مكان آخر على سطح الأرض.
- بركان لا يهدأ: تاريخ من النشاط البركاني
سجّل الباحثون نحو 38 ثورانا لبركان تال خلال الـ 450 سنة الماضية، وآخر هذه الانفجارات وقع عام 2020، بعد فترة هدوء دامت 43 عامًا، مما أدى إلى إخلاء المناطق المحيطة وتغطية جزيرة البركان والمناطق القريبة بطبقات من الرماد.
يُصنّف بركان تال اليوم ضمن المناطق البركانية الأكثر نشاطا في الفلبين، ويُشكّل مصدر قلق دائم للسكان المحليين والعلماء.
- التحديات البيئية التي تواجه بحيرة تال
رغم أن بحيرة تال محمية رسميا ضمن منطقة تال البركانية المحمية (Taal Volcano Protected Landscape)، إلا أن النظام البيئي الهش للمنطقة يواجه تهديدات متزايدة. تشمل هذه التهديدات الصيد الجائر، والسياحة غير المنظمة، واستخدام المياه للري والزراعة، ووفقا لقاعدة بيانات البحيرات العالمية (World Lake Database)، فإن هذه الأنشطة تُشكّل خطرًا على التوازن البيئي في البحيرة وتؤثر على الكائنات النادرة التي تعيش فيها.
- بحيرة تال في عيون العالم
بجانب أهميتها العلمية والبيئية، تُعد بحيرة تال وجهة سياحية بارزة، لكنها في الوقت ذاته كنزا جيولوجيا يستحق الحماية والدراسة، يُقارنها البعض ببحيرات أخرى نادرة حول العالم، مثل بحيرة نياترون في تنزانيا، وبحيرة قناديل البحر في بالاوس، وحتى بحيرة سالدا في تركيا التي تُشبه فوهة جيزيرو على المريخ.
المصدر: Live Science
