القلب الأسود يعود من الأعماق: كشف أثري نادر من حطام تايتانيك يعيد إحياء أسرار الماضي
في لحظة تاريخية استثنائية، عاد كنز مفقود من حطام سفينة تايتانيك إلى الواجهة مجددا، بعد أن تم الكشف عن قلادة زجاجية سوداء نادرة على شكل قلب، تُعد من أندر المقتنيات التي تم العثور عليها في موقع الحطام الشهير. القلادة عُرضت مؤخرا ضمن فعاليات معرض "تايتانيك: التحف الأثرية" في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية، مثيرةً إعجاب الزوار وعشاق التاريخ البحري حول العالم.
- قطعة نادرة من قاع المحيط: "القلب الأسود" يسطع من جديد
تم الكشف عن القلادة النادرة، التي تُعرف إعلاميا بـ"قلادة القلب الأسود"، من قبل توماسينا راي، رئيسة قسم المجموعات في شركة RMS Titanic، خلال عرض مباشر تزامن مع عملية ترميم معقّدة لجزء من هيكل السفينة الغارقة يُعرف باسم "القطعة الصغيرة"، ويزن أكثر من طنين. القلادة مصنوعة من خرز زجاجي أسود منسوج بتقنية دقيقة، وهي تمثّل مجوهرات الحداد التي كانت شائعة في أوائل القرن العشرين، خاصة في عام 1912.
- رحلة القلادة من الأعماق إلى المعرض
عُثر على هذه القلادة في رحلة استكشافية أجريت عام 2000، ضمن منطقة واسعة من حطام السفينة تمتد على مساحة 15 ميلاً مربعا (حوالي 38.85 كم²) بين مقدمة تايتانيك ومؤخرتها، وعلى عمق 3810 أمتار (12500 قدم). وكانت القلادة ضمن "تكتل" معدني، وهي ظاهرة ناتجة عن اندماج عدة مواد تحت ضغط وبيئة كيميائية شديدة التعقيد في قاع المحيط.
وبحسب توماسينا راي، تطلّبت عملية الاستعادة جهدا علميا دقيقا ، بدأ بجمع خرزات مفكوكة وشظايا صغيرة حتى جُمعت القلادة بالكامل، ووصفت راي هذه العملية بأنها "تجسيد للمثابرة البشرية"، حيث كانت كل حبة خرز تقود إلى الأخرى، في رحلة ترميم أشبه بإعادة بناء قصة مجهولة من أعماق التاريخ.
- رمز تاريخي وثقافي: بين الأناقة والحزن
تُرجّح التقديرات أن القلادة تعود لإحدى ضحايا الكارثة، وربما سقطت منها أثناء حالة الذعر على متن السفينة. وهناك احتمال ضئيل أن تكون تعود لأحد الناجين وفُقدت خلال الفوضى. وتُعد القلادة تمثيلاً بصريًا لثقافة الحداد في العصر الفيكتوري، حيث كان الزجاج الفرنسي الأسود يُستخدم على نطاق واسع في صناعة المجوهرات الرمزية ذات الطابع الحزين والراقي.
- الحفظ والدراسة: أكثر من عقدين من الصمت
بعد انتشالها من قاع المحيط، بقيت القلادة محفوظة لأكثر من 25 عامًا، خضعت خلالها لتحاليل ودراسات دقيقة داخل مختبر الترميم التابع لشركة "RMS تايتانيك". وهي الآن تُعرض أمام الجمهور ضمن مجموعة تضم أكثر من 300 قطعة أثرية أصلية تم استردادها من الحطام، إلى جانب مجسّمات لغرف السفينة وممثلين يرتدون أزياء مستوحاة من أوائل القرن العشرين.
- إرث تايتانيك: إنقاذ الذاكرة من النسيان
منذ بدء بعثاتها الاستكشافية، نجحت شركة RMS Titanic في استرداد أكثر من 5500 قطعة أثرية خلال 9 بعثات على مدار أربعة عقود، وتُعد هذه الجهود جزءا من التزام مستمر لتكريم الأرواح التي فُقدت في أكبر كارثة بحرية مدنية في التاريخ الحديث، والتي وقعت فجر يوم 15 أبريل 1912، حينما اصطدمت تايتانيك بجبل جليدي وأغرقت أكثر من 1517 شخصًا من أصل 2224 كانوا على متنها.
وقد انقسمت السفينة إلى نصفين، مع تشوّه مؤخرة السفينة بفعل الارتطام العنيف بالقاع، في حين ظلت مقدمتها بحالة أفضل نسبيًا لكنها مدفونة جزئيا في الطين، ولم يُعثر على الحطام إلا في الأول من سبتمبر عام 1985، في اكتشاف أعاد إحياء الاهتمام العالمي بسفينة الأحلام المفقودة.
المصدر: صحيفة ديلي ميل
