هل تتسبب المبيدات الفطرية بجائحة جديدة؟ خبراء يحذرون من فطريات خارقة مقاومة للعلاج

يحذر خبراء في الأمراض المعدية من أن الاستخدام المتزايد للمبيدات الفطرية في الزراعة قد يسرّع من تطور فطريات مقاومة للعلاجات الدوائية المنقذة للحياة لدى البشر والحيوانات على حدٍّ سواء.
في تعليق علمي نُشر مؤخرا في مجلة New England Journal of Medicine، أطلق العالمان الدكتور جورج طومسون والدكتورة أنجل ديزاي، وهما خبيران في الأمراض المعدية بجامعة كاليفورنيا - ديفيس، تحذيرًا بأن المبيدات الفطرية الجديدة المصممة لمكافحة الفطريات الضارة في الزراعة قد تعرقل بشكل غير مباشر فعالية علاجات العدوى الفطرية الخطيرة لدى الإنسان والحيوان.
- تصاعد خطر العدوى الفطرية حول العالم
تشكل العدوى الفطرية تحديا صحيا واقتصاديا متزايدا على مستوى العالم، ومع أن مضادات الفطريات تُعد أدوات أساسية في الطب والزراعة، فإن الإفراط في استخدامها أو تطويرها بشكل غير منسّق قد يؤدي إلى تطوّر مقاومة لدى الفطريات، وهذا يعني أن العلاجات التي تنقذ الأرواح قد تصبح عديمة الفعالية.
يشدد طومسون وديزاي على أهمية تبني المجتمع الدولي لنهج شمولي يُعرف باسم "صحة واحدة" (One Health)، من أجل تنسيق تطوير واختبار واستخدام العوامل المكافحة للجراثيم مثل الفطريات والبكتيريا.
- دعوة لاستخدام مسؤول للمضادات
قال الدكتور طومسون:
"إن مقاومة العوامل المضادة للميكروبات تذكّرنا دائما بضرورة استخدام هذه العوامل بحكمة، لقد تعلّمنا من تجربة المضادات الحيوية في تربية الحيوانات، حيث أدى استخدامها الواسع إلى تطور سريع في مقاومة البكتيريا. ونواجه الآن مخاوف مشابهة بشأن استخدام مضادات الفطريات في البيئة."
ويُعد طومسون الأستاذ الرئيسي في المقال، ويعمل في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا - ديفيس، في قسمي الأمراض الباطنية وعلم الأحياء الدقيقة الطبية والمناعة.
- نهج "صحة واحدة": ترابط الإنسان والحيوان والبيئة
يركز نهج "صحة واحدة" على النظرة الشمولية للصحة، حيث يُظهر كيف أن التغييرات في مجال ما—كصحة الإنسان أو الحيوانات أو البيئة—يمكن أن تؤثر على المجالات الأخرى بشكل متشابك.
تغيّر المناخ، والرياح، والسفر البشري، وهجرة الحيوانات، ونقل البضائع الملوثة كلها عوامل تساعد على نشر مسببات الأمراض، بما في ذلك الفطريات.
- مقاومة فطر Candida auris ... جرس إنذار
شهدت العقود الأخيرة ازديادا في أنواع الفطريات المسببة للعدوى الشديدة لدى البشر، ومن أبرزها فطر Candida auris (كانديدا أوريس)، الذي يُعد صعب العلاج.
يوضح الدكتور طومسون أن الفطريات تشترك مع البشر في بعض آليات الخلية، ولهذا فإن الأدوية المضادة للفطريات مثل تلك التي تستهدف C. auris غالبا ما تتسبب في آثار جانبية.
"مع قلة الخيارات العلاجية المتوفرة، فإن منع تطور المقاومة يُعد أمرًا بالغ الأهمية"، كما قال.
- التنسيق العالمي في تطوير المبيدات
يرتبط تطور المقاومة بشكل مباشر بكمية المواد المستخدمة، ولذلك دعا الباحثون إلى ضرورة وجود تنظيم عالمي منسق لتقليل تطور المقاومة للعوامل المضادة للميكروبات.
قالت الدكتورة ديزاي، أستاذة مشاركة في قسم الأمراض الباطنية: "نحن بحاجة إلى عملية مشتركة لاعتماد العوامل المضادة للميكروبات، تتضمن تقييما شاملاً لتأثيراتها المحتملة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان، لا سيما قبل السماح باستخدامها على نطاق واسع في الزراعة."
- مبادرات واعدة ... ولكنها تحتاج للتوسيع عالميا
أشار الباحثان إلى تأسيس فريق عمل جديد في الولايات المتحدة تحت إشراف وكالة حماية البيئة EPA، باسم "فريق مقاومة وفعالية الأدوية والمبيدات المتعدد الوكالات"، والذي يتولى مراجعة المركّبات الجديدة قبل اعتمادها، بما في ذلك تقييم تأثيراتها المحتملة على الممارسات الطبية.
وقد شدد الباحثون على ضرورة تعميم هذه الجهود على مستوى عالمي، مشيرين إلى أن التنسيق المشترك بين الهيئات التنظيمية الوطنية والدولية لا يقلل التكاليف فحسب، بل يُسهم أيضًا في تجنب انتشار سريع ومكلف لمسببات الأمراض المقاومة للعلاج.

المصدر:   Davis Health