لماذا يُعد المحيط الهادئ أضخم محيط على كوكب الأرض؟ رحلة جيولوجية إلى أعماق التاريخ

يُعد المحيط الهادئ بلا منازع أكبر محيط على سطح الأرض، إذ يغطي ما يزيد عن 63 مليون ميل مربع (163 مليون كيلومتر مربع)، وهو ما يمثل أكثر من 30% من سطح الكوكب، ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن جميع قارات العالم يمكن أن تتسع داخل حوض هذا المحيط الهائل، الذي يحتوي على أكثر من نصف المياه الحرة الموجودة على الأرض.
كما يُعتبر المحيط الهادئ أيضا أعمق محيط في العالم، حيث تصل أعمق نقطة فيه - المعروفة باسم "تشالنجر ديب" في خندق ماريانا - إلى أكثر من 11,000 متر (36,000 قدم).
- من بانثالاسا إلى الهادئ: أصل المحيط العملاق
المحيط الهادئ هو البقية المتبقية من المحيط العظيم القديم "بانثالاسا"، والذي كان يحيط بقارة بانجيا – القارة العملاقة التي كانت تجمع قارات العالم قبل نحو 230 مليون عام. وعندما بدأت بانجيا في التمزق نتيجة لحركة الصفائح التكتونية، بدأ المحيط الأطلسي في التوسع، بينما تقلص محيط بانثالاسا تدريجيًا ليتحول إلى المحيط الهادئ الذي نعرفه اليوم.
تقول الدكتورة سوزان نويَر، مديرة "مدرسة مستقبلات المحيط" في جامعة ولاية أريزونا:
"بانثالاسا كان هو النسخة الأولية للمحيط الهادئ. ما نراه اليوم من الهادئ هو في الواقع ما تبقى من ذلك المحيط الأولي العملاق."
- صفائح تكتونية ترسم حدود المحيط
تقع المحيطات والقارات على صفائح تكتونية ضخمة، وهي ألواح صخرية تتحرك باستمرار، وقد لعبت هذه الحركات الدور الأساسي في ولادة وتوسع المحيطات، وبالنسبة للمحيط الهادئ، فقد وُلدت "صفيحته التكتونية" نتيجة التقاء ثلاث صفائح قديمة: فارالون، فينيكس، وإيزاناغي، تحت محيط بانثالاسا قبل حوالي 200 مليون عام.
ويوضح البروفيسور أدريان لام من جامعة بينغهامتون في نيويورك أن هناك تشابهًا حديثًا مع ما جرى في المحيط الهادئ، وهو "مفترق الصفائح الثلاثية" في منطقة عفار بشرق إفريقيا، حيث تلتقي الصفائح النوبية والصومالية والعربية، لكن هذه الأخيرة فشلت في التمزق الكامل، على عكس ما حدث في الهادئ.
- حلقة النار ونشاط الزلازل والبراكين
مع تقلص بانثالاسا وتوسع الصفائح القارية، ظهرت "حلقة النار" الشهيرة – وهي حزام يمتد حول المحيط الهادئ يشتهر بكثرة البراكين والزلازل. ففي مناطق "الاندساس"، حيث تنزلق الصفائح المحيطية تحت الصفائح القارية، نشأ نشاط جيولوجي عنيف ما زال مستمرًا حتى اليوم.
- المحيط الهادئ يتقلص … والمحيط الأطلسي يتمدد
رغم أن المحيط الهادئ هو الأكبر حاليا، فإنه يتقلص ببطء نتيجة لحركة الصفائح، في حين أن المحيط الأطلسي في طور التوسع، بمعدل يتراوح بين 2 إلى 3 سنتيمترات في السنة. ومع مرور ملايين السنين، ستتغير ملامح كوكب الأرض من جديد.
لكن ورغم هذا التراجع المستقبلي، فإن المحيط الهادئ يظل فريدًا في حجمه وتاريخه المعقد وتركيبته الجيولوجية.
"المحيط الهادئ هو الحوض المحيطي الأكثر إثارة وإعجازا بين جميع محيطات الأرض"، كما تؤكد الدكتورة لام.

المصدر:   Live Science