الخفافيش تكشف سرّاً مدهشاً لمقاومة السرطان

في عالم يواصل فيه الطب الحديث استثمار المليارات في فهم وعلاج السرطان، برزت الخفافيش كمصدر إلهام غير متوقّع، حيث أظهرت قدرتها اللافتة على مقاومة الأورام بفاعلية مذهلة، مما دفع علماء جامعة روتشستر إلى سبر أغوار نظامها الدفاعي الطبيعي.
- عمر طويل ومناعة خارقة: لغز بيولوجي استثنائي
بعض أنواع الخفافيش تعيش حتى 25 عاماً، وهو ما يعادل قرابة 180 سنة من عمر الإنسان، ومع ذلك نادراً ما تصاب بالسرطان، هذا التناقض قاد الباحثين إلى دراسة أربع فصائل من الخفافيش، تشمل الخفاش البني الصغير، والبني الكبير، وخفاش الكهوف، وخفاش الفاكهة الجامايكي، لاكتشاف ما يميزها بيولوجياً عن غيرها من الكائنات.
- الجين p53: الحارس الفائق الذي يحمي الجينوم
في قلب نظامها الدفاعي، وجدت الدراسة أن الخفافيش تمتلك نسخة فائقة الأداء من جين p53، والمعروف بدوره في مراقبة الحمض النووي والتخلص من الخلايا المتضررة عبر "الموت المبرمج"، مما يمنع تحولها إلى خلايا سرطانية. بعض الخفافيش تمتلك نسختين من هذا الجين، مع فعالية مضاعفة في الكشف عن الأخطاء الجينية.
- التيلوميرات والانقسام الخلوي إلى ما لا نهاية
يمتلك الخفاش أيضاً قدرة فريدة على الحفاظ على التيلوميرات، وهي النهايات الواقية للكروموسومات التي تقصر عادة مع كل انقسام خلوي وتُعدّ أحد عوامل الشيخوخة، غير أن الخفافيش تنظم عمل إنزيم التيلوميراز بطريقة تتيح انقسامات خلوية طويلة الأمد دون أن تفقد السيطرة على عملية النمو، مما يمنع نشوء الأورام.
- المناعة الذكية: توازن مثالي بين المقاومة والتجدد
كما كشفت الدراسة عن نظام مناعي فريد لدى الخفافيش لا يقتصر على محاربة الفيروسات، بل يمتد لكبح الالتهابات المزمنة والتعرّف بدقة على الخلايا السرطانية وتدميرها، وهو ما يُعتبر عاملاً جوهرياً في الحد من الشيخوخة الخلوية والمناعة ضد الورم.
- ليس تحصيناً ضد السرطان ... بل استراتيجية متقدّمة
من المدهش أن خلايا الخفافيش قد تتحوّل إلى سرطانية بعد طفرات محدودة—طفرتين فقط، مقارنة بخمس أو أكثر لدى الإنسان، وهذا يبرز أن السر يكمن في آليات الوقاية والمراقبة، لا في مقاومة التحوّل الجيني بحدّ ذاته.
- المستقبل الواعد: من سماء الكهوف إلى مختبرات العلاج
من خلال هذا النموذج البيولوجي الرائع، يرى العلماء آفاقاً جديدة لتطوير أدوية مبتكرة تعزّز وظائف الجين p53 لدى البشر أو تستنسخ فعالية جهاز الخفافيش المناعي. كما قد تقدم دراسات التيلوميراز في هذه الكائنات حلولاً جذرية لعلاج أمراض الشيخوخة والسرطان المرتبط بالتقدم في السن.

المصدر:   Gizmodo